للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعضهم: يقطع إبهامه.

وقال بعضهم: يضرب ويحبس.

وقال بعضهم: يكشف لأبي زنبور أمره، ويتقدم إليه بطرده، ويقتصر به على الحرمان مع بعد الشقّة «١» .

فقال ابن الفرات: ما أبعد طباعكم عن الجميل، وأنفرها من الحرّية «٢» ، رجل توسّل بنا، وتحمّل المشقّة إلى مصر، وأمّل بجاهنا الغنى، ولعلّه كان لا يصل [١٩ ط] إلينا، ولا حرمة له بنا فيأخذ كتبنا، فخفّف عنّا بأن كتب لنفسه ما قدّر أنّ به صلاحه، ورحل ملتمسا للرزق، وجعلنا سببه، يكون أحسن أحواله عند أجملكم محضرا الخيبة؟

ثم ضرب بيده إلى الدواة، وقلب الكتاب المزوّر، ووقّع عليه «٣» بخطه:

هذا كتابي، ولا أعلم لأيّ سبب أنكرته. ولا كيف استربت به، كأنّك عارف بجميع من خدمنا في النكبة، وأوقات الاستتار، وقديم الأيّام، وقد أحطت علما بجميعهم، فأنكرت أبا فلان هذا- أعزّه الله- من بينهم، وحرمته بي أوكد ممّا في هذا الكتاب، وسببه عندي أقوى ممّا تظنّ، فأجزل عطيّته، وتابع برّه «٤» ووفّر حظّه من التصرّف فيما يصلح له، وافعل به واصنع، وأصدر الكتاب في الحال.

فلما كان بعد مدّة طويلة، دخل عليه رجل جميل الهيئة، حسن الزيّ والغلمان، فأقبل يدعو له، ويبكي، ويقبّل الأرض بين يديه،