للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طلب العراقيين، وأسنى لهم العطايا، فكثروا عنده، فبنوا له هذه الحجرة، وخدموه بهذه الآلات.

فكان يجلس لأهل المملكة في زيّهم، لئلا يشيع عليه مخالفتهم في الزيّ، وينقص بين ملوكهم، فيهون أمره عندهم، ويجلس في خلواته هكذا.

فلما ولدت، أسلمني إلى العراقيين، والهنديّين، فكلّموني باللغتين، فنشأت أتكلّم بهما، ثم أدّبني العراقيّون، وغلبوا عليّ.

فلمّا مات، سلّم الملك إليّ، فاتّبعت طرائقه في الجلوس العام لأهل المملكة بزيّهم، والانفراد عنهم في الخلوة بهذا الزيّ.

قال: فقلت له: فما ذلك الذي تعلّقه في حلقك في الصرّة؟

فقال: هذه الصرّة، فيها عظم من عظام الرجل الذي جاء بعبادة البدّ»

وأقام هذه الشريعة لهم، وله كذا وكذا ألف سنة، وذكر عشرات ألوف سنين.

وقال: إنّ [٩١] الرجل، لمّا مات، وصّى، بأن يجعل في تابوت، بعد تابوت، كذا وكذا ألف سنة، فما يزال، كلّما بلي شيء من عظامه، احتفظوا بالباقي، ونحّوا البالي، لئلّا يسرع الفساد إلى الصحيح، إلى أن لم يبق منه إلّا هذا العظم الواحد، فخافوا أن يبلى أيضا، فجعلوه في حقّ من ذهب، وجعلوهما في صرّة، وصارت الملوك تعلّقه في حلوقها، في خيط، تعظيما، وتبركا به، وتشرّفا بمكانه، وصيانة له عن البلى، فقد علّق في حلق كذا وكذا ملك، مدّة أيّام ملكهم كذا وكذا سنة، وذكر أمرا عظيما، وقد صار عندنا كالبردة التي لصاحبكم «٢» ، يلبسها خلفاؤكم.

قال: فلما طال مقامي، وضجرت، سألته الإذن في تسريحي، وأعلمته