٧ - "وأما معاوية بعد عليّ، فقد سار في سياسة المال سيرته التي ينتفي منها العنصر الأخلاقيّ، فجعله للرُّشى واللهى وشراء الأمم في البيعة ليزيد، وما أشبه هذه الأغراض، بجانب مطالب الدولة والأجناد والفتوح بطبيعة الحال".
٨ - ثم قال شاملا لبنى أمية:"هذا هو الإسلام، على الرغم مما اعترض خطواته العملية الأولى، من غلبة أسرة لم تعمرْ روحُ الإسلام نفوسها. فآمنت على حرف حين غَلب الإسلام، وظلّت تحلم بالملك الموروث العضوض حتى نالته، فسارت بالأمر سيرة لا يعرفها الإسلام".
هذا ما جاء في ذكر معاوية، وما أضفى الكاتب من ذيوله على بني أمية، وعلى عمرو بن العاص. وأما ما جاء عن أبي سفيان بن حرب فانظر ماذا يقول:
٩ - "أبو سفيان هو ذلك الرجل الذي لقى الإسلام منه والمسلمون ما حفلت به صفحات التاريخ، والذي لم يسلم إلا وقد تقررت غلبة الإسلام. فهو إسلام الشفة واللسان، ولا إيمان القلب والوجدان. وما نفذ الإسلام إلى قلب ذلك الرجل قطّ، فلقد ظلّ يتمنى هزيمة المسلمين ويستبشر لها في يوم حنين، وفي قتال المسلمين والروم فيما بعد، بينما يتظاهر بالإسلام. ولقد ظلت العصبية الجاهلية تسيطر على فؤاده. . . وقد كان أبو سفيان يحقد على الإسلام والمسلمين، فما تعرض فرصة للفتنة إلا انتهزها. ."
١٠ - "ولقد كان أبو سفيان يحلم بملِك وراثى في بني أمية منذ تولى الخلافة عثمان فهو يقول: "يا بني أمية. . . تلقفوها تلقف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان مازلت أرجوها لكم، ولتصيرنَّ إلى صبيانكم وراثة! ". وما كان يتصوَّر حكم المسلمين إلا ملكا حتى في أيام محمد، (وأظن أنا أنه من الأدب أن أقول: - صلى الله عليه وسلم -)، فقد وقف ينظر إلى جيوش الإسلام يوم فتح مكة، ويقول للعباس ابن عبد المطلب: "والله يا أبا الفضل، لقد أصبح ملك ابن أخيك أليوم عظيما"، فلما قال له العباس. إنها النبوّة! قال: نعم إذن! . . .
"نعم إذن! وإنها لكلمة يسمعها بأذنه فلا يفقهها قلبه، فما كان مثل هذا القلب ليفقه إلا معنى الملك والسلطان".