للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أحبّ إليّ من أن يذلُّوا من خبائك، ولقد أصبحتُ وما على الأرض أهل خباء أحبّ إليّ من أن يعزّوا من خبائك. فقال رسول الله: وزيادة. . . قال محمد بن عمر الواقدى: لما أسلمتْ هندُ جعلت تضربُ صَنمًا في بيتها بالقدوم حتى فلّذته فلذة فلذة وهي تقول: كنّا منك في غرور. وروى البخاري هذا الخبر عن أم المؤمنين عائشة (٥: ٤٠).

فهل يعلم عالمٌ أن إسلام أبي سفيان وهند كان نفاقًا وكذبًا وضغينة؟ لا أدري. ولكن أئمتنا من أهل هذا الدين لم يطعنوا فيهم، وارتضاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وارتضى إسلامهم. وأمّا ما كان من شأن الجاهلية، فقل رجُلٌ أو امرأةٌ من المسلمين لم يكنْ له في جاهليته مثل ما فعل أبو سفيان، أو شبيهٌ بما يروى عن هندٍ إن صحَّ.

وأما عمرو بن العاص، فقد أسلم عام خيبر قدم مهاجرًا إلى الله ورسوله، ثم أمّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سرية إلى ذات السلاسل يدعو بليًّا إلى الإسلام، ثم استعمله رسول الله على عمان فلم يزل واليًا عليها إلى أن توفيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم أقره عليها أبو بكر - رضي الله عنه - ثم استعمله عمر. وروى الإمامُ أحمد في مسنده (٢: ٣٢٧، ٣٥٣، ٣٥٤) من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ابنا العاص مؤمنان" يعني هشامًا وعمرًا. وروى الترمذي وأحمد في مسنده (٤: ١٥٥) عن عقبة بن عامر الجهني: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص. وروى أحمد في مسنده (١: ١٦١) عن طلحة بن عبيد الله قال: ألا أخبركم عن رسول الله بشيء؟ ألا إني سمعته يقول: عمرو بن العاص من صالحي قريش. ونعم أهل البيت أبو عبد الله، وأم عبد الله، وعبد الله.

فإذا كان جهاد عمرو، وشهادة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتولية رسول الله ثم أبي بكر ثم عمر، لا تدل على شيء من فضل عمرو بن العاص، ولا تدل على نفي النفاق في دين الله عنه، فلا ندري بعد ما الذي ينفع عمرًا في دنياه وآخرته؟ ولست أتصدى هنا لتزييف ما كتبه الكاتب من جهة التاريخ، ولا من جهة