للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأمى، والله لقد حاربتك فلنعم المحارب كنت، ولقد سالمتك فنعم المسالم أنت، جزاك الله خيرًا. ثم شهد الطائف مع رسول الله، وفقئت عينه في القتال، ولاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نجران، ورسول الله لا يولى منافقًا على المسلمين، وشهد اليرموك، وكان هو الذي يحرض الناس ويحثهم على القتال. وقد ذكر الكاتب فيما استدلّ به على إبطان أبي سفيان النفاق والكفر أنه كان يستبشر بهزيمة المسلمين في يوم حنين، وفي قتال المسلمين والروم فيما بعد، وهذا باطل مكذوب. وسأذكر بعد تفصيل ذلك. أما قول أبي سفيان للعباس "لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيما! " فقال العباس إنها النبوة! فقال أبو سفيان: فنعم إذن. فهذا خبر طويل في فتح مكة، قبل إسلامه، وكانت هذه الكلمة "نعم إذن" أول إيذان باستجابته لداعى الله، فأسلم - رضي الله عنه - وليست كما أولها الكاتب: "نعم إذن. وإنها كلمة يسمعها بأذنه فلا يفقهها قلبه، فما كان مثل هذا القلب ليفقه إلا معنى الملك والسلطان"، إلّا أن يكون الله كشف له ما لم يكشف للعباس ولا لأبى بكر ولا لعمر، ولا لأصحاب رسول الله من المهاجرين والأنصار. وأعوذ بالله من أن أقول ما لم يكشف لرسول الله ونبيه - صلى الله عليه وسلم -.

وعن ابن عباس أن أبا سفيان قال: يا رسول الله ثلاثًا أعطنيهنّ. قال: نعم قال: تؤمرنى حتى أقاتل الكفار كما قاتلتُ المسلمين. قال: نعم. قال: ومعاوية تجعلُه كاتبًا بين يديك. قال: نعم. وذكر الثالثة، وهو أنه أراد أن يزوّج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بابنته الأخرى عزّة بنت أبي سفيان، واستعان على ذلك بأختها أم حبيبة فقال: "إن ذلك لا يحلُّ لي".

وأما هند بنت عتبة أم معاوية -رضي الله عنهما- فقد روى عن عبد الله بن الزبير (ابن سعد ٨: ١٧١) قال: لما كانَ يوم الفتح أسلمت هند بنت عتبة ونساء معها وأتين رسول الله وهو بالأبطح فبايعنه، فتكلمت هند فقالت: يا رسول الله! الحمد لله الذي أظهر الدين الذي اختاره لنفسه. لتنفعني رحمُك يا محمد! إني امرأةٌ مؤمنة بالله مصدقةٌ برسوله. ثم كشفت عن نقابها وقالت: أنا هند بنت عتبة. فقال رسول الله: مرحبًا بك. فقالت: والله ما كان على الأرض أهل خباء