للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو مرة واحدة ذكر الدكتور طه اسم مرجليوث، لنجوت بها من هذه "الغول" التي كانت تفزعني وتتشبث بي "جارة" لي في قاعة المحاضرات وخارج هذه القاعة! "فيا جارتا أنا ما أهولا! "، ويومئذ، ومن هذا الهول الذي كان يصحبنى ويتهددنى، نشأت عندي "القضية الثانية" "قضية السطو" التي ذكرتها وأن أكشف عن "لمحة من فساد حياتنا الأدبية" في كتابي (المتنبي ١: ١٧ - ٢٦).

* * *

تفاقم أمر "قضية السطو" في نفسي، واستبدت بي جارتى "الغول" حتى لم تدع لي ولا لقلبي سكينة، وسِرتُ على الجمر حافيا، وأنا أسمع يوما بعد يوم قعقعة معنى "الجامعة" في نفسي وهو يتقوض، يريد أن ينقض. وفي خلال ذلك كان مني ما كان. يوم وقفت أجادل الدكتور طه في "المنهج" و"الشك"، حتى انتهرنى، ثم استدعانى فدخلت عليه، فعاتبنى "وأنا صامت لا أستطيع أن أرد. لم أستطع أن أكاشفه أن محاضراته التي نسمعها مسلوخة كلها من مقالة مرجليوث، لأنها مكاشفة جارحة من صغير إلى كبير، ولكني كنت على يقين من أنه يعلم أنى أعلم، من خلال ما أسمع من حديثه، ومن صوته، ومن كلماته، ومن حركاته أيضًا" هكذا قلت في كتابي (المتنبي ١: ٢٢). ثم قلت أيضا: "ومن يومئذ لم أكف عن مناقشة الدكتور في المحاضرات أحيانا بغير هيبة، ولم يكف هو عن استدعائى بعد المحاضرات، فيأخذنى يمينا وشمالا في المحاورة، وأنا ملتزم في كل ذلك بالإعراض عن سطوه على مقالة مرجليوث: صارف همى كله إلى موضوع "المنهج والشك"، وإلى ضرورة قراءة الشعر الجاهلي والأموى والعباسى قراءة متذوقة مستوعبة ليستبين الفرق بين الشعر الجاهلي والإسلامي .. ولكني من يومئذ أيضا لم أكف عن إذاعة هذه الحقيقة التي أكتمها في حديثي مع الدكتور طه وهي أنه سطا سطوا كريها على مقالة المستشرق الأعجمى. فكان بلا شك، يبلغه ما أذيعه بين زملائى. وكثر كلامي عن الدكتور طه نفسه، وعن القدر الذي يعرفه من الشعر الجاهلي، وعن أسلوبه الدال على ما أقول. واشتد الأمر حتى تدخل في ذلك، وفي مناقشتى، بعض الأساتذة كالأستاذ "نلينو"