للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

"وأخيرا سأجازف بالتصريح عن الأمل الذي يراودنى على الدوام طول مدة جمع هذا الكتاب، وهو أمل يتعلق بمصر نفسها، (انظر، ما أشد حبه لمصر)، ويمس أمرا هو بالنسبة لها وإلى شعبها يكاد يكون مسألة حياة أو موت (شوف إزاي) (فكل من عاش فترة في بلاد تتكلم العربية، يعرف إلى أي حد كبير تتأثر كل نواحي النشاط فيها، بسبب الاختلاف الواسع بين لغة الحديث ولغة الكتابة). "راجع كتاب الدكتورة نفوسه زكريا: تاريخ الدعوة إلى العامية وكتابى: أباطيل وأسمار".

وهذا الألماني الجديد، ليس أقل منه مجازفة وفدائية في سبيل مصر ونجيب محفوظ خاصة وإلا فلماذا جازف هو الآخر، بعد هلاك سلفه منذ مئة سنة (توفي ولهلم سنة ١٨٨٣ م)؟ ودعنا من قصة "العامية" في البلاد العربية، ولكن المهم الذي ينبغي أن تعلمه، هو أن هذا الأعجمي الألماني الفاضل، مجاهد عظيم، فإنه من كبار الدعاة في لغته الألمانية نفسها، إلى طرح اللغة الألمانية الفصيحة التي كتب بها شعراؤها وعلماؤها وفنانوها وقصّاصوها، وإلى استبدالها باللغات العامية الألمانية المختلفة، وإلى إحياء ما مات منها منذ قرون! هكذا ينبغي أن يكون شأن فدائيته! !

من الغرائب أيضًا أن هذا الرجل العظيم شديد التنبه للعيوب الفادحة في "فصحى نجيب محفوظ"، فقد وقع على ما لم يقع عليه الأب جاك جومييه، ولا ساسون سومبخ اليهودي، ولا شومان، ولا فاتيكيوتيسى، وسائر العلماء والمفكرين العظماء الذين درسوا "أولاد حارتنا" دراسة مستفيضة. ونبهنا إلى أنه يتردد في "فصحى نجيب محفوظ" "إيقاع قرآنى" (مثل التعبير الوارد على صفحة ٣٤٤: يؤدي الإتاوة صاغرا). ويعني بهذا الكشف الجديد (الإيقاع القرآنى لفظا واحدا وهو "صاغرا"، فوقوع هذا اللفظ وحده في أي كلام، يجعل في الكلام "إيقاعا قرآنيا"، والدليل على ذلك أن لفظ "الإتاوة" لم يرد في القرآن البتة، ولفظ "يؤدي" مع أنه جاء في بعض الآيات في ذكر "أداء الأمانة"، فإنه أيضًا لفظ يجرى في العامية قديمها وحديثها كقولهم "يؤدي له خدمة" أما