مكيافيلى، وقد اتسع وتطور به ونما واستفحل خبثه، وتوحشت ضراوته، وتشعب شره تشعبا لا يكاد يصدق.
لذلك وجدت أن الرجل الخامس الذي اخترت أن أذكره في الخمسة العظام، يحتاج خبره إلى تفصيل لم أحتج لمثله وأنا أكتب عن أصحابه الأربعة العظام، فقد جاءوا جميعًا يومئذ ليُحدِثوا شيئًا لم يكن مألوفا، ولكى يشقوا بأنفسهم طريقا غير طريق الإلف، ولكنه انفرد عنهم بأن طريقه في عمله كان أخفى من طريقهم، ولأن تقييد عمله بالكتابة كان أشق، ولأن عمله كان تحت بصر العدو وسمعه لم يغفل عنه طرفة عين، فلما انقضّ علينا وظفر بنا، سار بنا مسارًا يزيد عمله علينا خفاء، بل يفضى إلى ما هو أعظم من الخفاء، أي إلى الطمس الكامل لجميع السبل المؤدية إلى استبانة ما كان من عمله، كيف كان؛ وستأتي القصة كلها واضحة إن شاء الله.