النكبة الأولى: زحوف حملة الصليب آتية إلى شمال دولتهم من سنة ٤٨٩ - ٦٩٠ هـ / ١٠٩٥ - ١٢٩١ م، حتى سقطت دولتهم بفتح عكا آخر حصن للصليبيين في السابع عشر من جمادى الآخرة سنة ٦٩٠ هـ.
النكبة الثانية: وجاءت على أثرها وهي جحافل التتر آتية من الشمال الشرقي من سنة ٦٣٨ هـ "١٢٤٠ م"، فداست البلاد حتى بلغت وأسقطت الخلافة سنة ٦٥٨ هـ "١٢٥٨ م" حتى ارتدت على أدبارها عند عين جالوت بفلسطين سنة ٦٥٨ هـ "١٢٥٩ م"، ولكن شرها لم ينقطع جملة واحدة، في قصة طويلة.
النكبة الثالثة الكبرى: وهي التي استمرت سنوات، حتى زال ملك الإسلام من الأندلس جملة بسقوط غرناطة في أيديهم سنة ٨٩٧ هـ "١٤٩٢ م".
وكانت جحافل هذه النكبات الثلاث، جحافل من الجهلة الأغتام الغلاظ، فدمروا وقتلوا ونهبوا، فهدموا الآثار، وأفنوا البشر، وحرقوا الكتب، وأغرقوها في الأنهار، كما هو معروف معلوم.
موجات طاغية من الجهلة المدمرين، استمرت أربعة قرون، تهلك آلافا مؤلفة من العلماء والأساتذة في كل علم وفن، وآلافا أخرى من الكتب في كل علم وفن، فضلا عما أبادته فتن الباطنية والشيعة وأشباههم في قلب الدولة فضلا عما أبادته المجاعات والطواعين والأوبئة المتتابعة فضلا عن الفقر والجهل الذي كان أثرا لابد منه، بعد هذا السلب والنهب والقتل في هذه الرقعة المترامية الأطراف.
ولكن ما كادت تنقشع بعض سحب النكبتين الأولى والثانية، حتى انتفض العالم الجريح المثخن مرة أخرى، لا من قلبه، بل من عند طرفه الشمالى المزاحم لديار الدولة البيزنطة، أي من حيث انصبت جحافل حملة الصليب من قبل.
فمنذ عهد الغازى عثمان خان "٦٩٩ - ٧٢٦ هـ / ١٢٩٨ - ١٣٢٦ م"، بدأت تتجمع هناك قوة جديدة، وقلب العالم العربي الإسلامي تمزقه النكبات الصغار المتتابعة. وتوطدت أقدام القوة الجديدة في أرض الدولة البيزنطية، حتى بلغت غايتها، فأسقطت الدولة كلها بدخول جيوش الغازى محمد الفاتح القسطنطينية، في يوم الثلاثاء ٢٠ جمادى الأولى سنة ٨٥٧ هـ/ ٢٩ مايو