مجنونًا تنشئُ له أعصابه المريضة الهالكة معانيها التي لا حقيقة لها في حقيقتها هي. . .! ! نعم، ربما كان ذلك صحيحًا من بعض وجوهه، ولكني على يقين من أنك لا تكاد تعرف وجه الحق في تأويل هذا الوصف. لا بأس ومع ذلك، فأي هذا الناسِ ليس مجنونًا على الحقيقة من بعض نواحيه؟ إنك لو جهدت فتتبعت تاريخ الإنسانية كله لم يخلص لك من أصحاب العقل الكامل إلا أفذاذ قلائل. ومع ذلك، فليس أحد من هؤلاء الأفذاذ قد نجا من قذف الناس إياه بالجنون. ألا فخبّرني أي الأنبياء -وهم فضائل الإنسانية الكاملة- برئ أن يقول فيه أهله وعشيرته:"إن هو إلا رجل به جِنة" أو "ساحر" أو "مجنون"؟
إن من أعظم حقائق الحياة الدنيا أن العقل لا يستطيع أن يدرك حقيقة العقل، أي أنه لا يستطيع أن يدرك حقيقة نفسه! و. . .
وصدَع السكونَ صوت صفير الغارة الجوية، فانتزع صاحبي ثم قال: - أليس هذا هو صوت جنون سكان العالم؟ أليس كذلك؟