للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من البلاد العربية والأجنبية، وقتل من العرب وأنصار العرب من سائر الأمم خلق كثير، واستفحل الشر استفحالًا عظيمًا، حتَّى ثارت الصحف الإنجليزية والأمريكية وطالبت حكوماتها بإعلان قرار واحد بأن الرأي العام والسياسة العامة في سبيل السلام تقتضي أن تُبْذَل النصرة الكاملة للعرب وللقضية العربية، وأن تتعاون الدول على رد العُدْوان الصهيوني الَّذي صار طغيانًا شديدًا في جميع بلاد الأرض، وأنه ينبغي على الدول جميعًا أن تضحي في سبيل ذلك بكثير من المصالح المالية، وهي قيود اليهودية التي جعلت كل الأمم ترسف في أغلالها".

هذا الكلام -على طوله- مختصَر من هذا المقال الفريد الَّذي اخترق به الأستاذ شاكر حُجُبَ الغيب، وجعله حقيقة لا مراء فيها بجعله أحداثًا ماضية سلفت أتم بها شيخ المؤرخين تاريخه. ولأُذكِرنَّ القارئ مرة أخرى أن هذا المقال كتبه الأستاذ شاكر سنة ١٩٤٦.

فكلام الأستاذ شاكر عن موقف الرئيس ترومان وأهمية أصوات اليهود في انتخابات الرئاسة صحيح لا ريب فيه، وتسهيل أمريكا مع بريطانيا هجرة يهود أمريكا كلام لا باطل فيه. وقد تصدَّى الرئيس ترومان لمحاولة إنجلترا -بعد إعلان قرار انتهاء حماية بريطانيا على فلسطين- بوضع قيود على هجرة اليهود (ويا للسخرية). وأنا أُحيل القارئ هنا إلى كتاب فرانسيس وليمز (١) الَّذي أورد فيه الرسائل المتبادلة من الرئيس ترومان ورئيس وزراء بريطانيا وِنْستون تشرشل (مع أن تشرشل كان صهيونيًا حتَّى النخاع) ليرى مدى دفاع ترومان عن هجرة يهود العالم لا أمريكا فقط إلى فلسطين. وبالرغم من أن وزارة الخارجية الأمريكية آنذاك كانت دومًا تنصح الرئيس ترومان بعدم اتخاذ موقف متشدد من هذا الأمر، إلا أنَّه جعل نصح مستشاريه دَبْر أُذنه. فقد كانت أصوات اليهود في الانتخابات تستحوذ على نفسه وفكره وفؤاده. فأكد ترومان لِوَيْزمان Weizmann خلال زيارته لأمريكا أنَّه سيبذل ما في وسعه لإنشاء الدولة اليهودية والاعتراف بها، وأن


(١) Francis wiliams.A Pime Minister Rrmember: The War and Post-War Memoirs of the Rt.hon.Earl Attlee(Londan: Heinemann,١٩٦١),pp.١٨١ - ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>