وذلك هو وزن "فِعال" كالشِّماس، والجماح، والنفار، والشراد، والهياج، والطماح، والحران، والعضاض، والخراط، والضراح، والرماح، والفرار. فأنت ترى من ذلك أن المصدر قد نظر فيه إلى أن المراد في الفعل هو حركة السقوط لا الصدم، فإن الصدمة ليست عيبًا، وإنما العيب في هيئة الحركة. وكثيرًا ما يستعمل العثار للخيل يقال:"عثر الفرس" أو غيره من الدواب.
هذا. . . وحروف الجر التي تأتي لمصاحبة الأفعال إنما تأتي لمعان يتعين بها للفعل معنى لم يكن ظاهرًا فيه قبل دخولها، بل ربما اضطر الحرفُ الفعلَ أن ينتقل من الحقيقة إلى المجاز، لذلك تسمى حروف المعاني.
ثم إن كل حرف من هذه الحروف له معنى أصليٌّ يقوم به، ثم تتفرع منه معان أخرى لا تزال متصلة إلى المعنى الأول بسبب. فالباء مثلًا هي في حقيقة معناها تدل على إلصاق شيء بشيء أو دنوه منه حتى يمسه أو يكاد. ففي قولك "ألصقت شيئًا بشيء" تقع الباء في معناها الأول وهو الإلصاق الحقيقي. وفي قولك "مررت بزيد" تكون مجازًا لأنها تدل على الدنو والمقاربة الشديدة، كأنك ألصقت مرورك بالمكان الذي يتصل بمكان زيد. وينتقل الحرف من معناه الحقيقي إلى معناه المجازي بدليل من الفعل الذي يشترك معه في الدلالة. ولذلك تخرج من معناها الحقيقي إلى معنى السببية أو التعليل أو المصاحبة أو الاستعانة مما يذكر في باب معانيها، ولكنها في جميع ذلك تدل على الإلصاق الحقيقي أو المجازي.
فإذا جاءت الباء بعد فعل يقتضي معناه بذاته أو بدلالته معنى من الإلصاق، تعين لها أن تكون واقعة في معناها الحقيقي، ويكون دخولها مبالغة في إظهار معنى الإلصاق. وذلك كقولك:"أمسكت الشيء"، و"أمسكت بالشيء" فالباء هنا تزيد في معنى الفعل تقوية الإمساك إذ أن الإلصاق مما يدل عليه هذا الفعل بدلالة التضمن أو الالتزام.
فإذا قلت "عثر الرجل بحجر" فمعناه كما بيَّنا آنفًا "صدم الرجلَ حجرٌ فكاد يسقط". والباء قد دخلت على الفاعل الحقيقي للعثرة وهو "الحجر"، فهي إذن