للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانتا. قلت: إنهما والله يا كلثم قينتا ابن هلال! قالت: وصدق الشيخ أيها الفاجر! أَتَدَع حرائر بني مخزوم إلى الخبيثات الدنيئات من بغايا الكوفة، تخالف إليهن تحت الليل والسِّحر والكفْر وعبث الشيطان بك وبعقلك.

[قال عمر]: وإذا جوانٌ بالباب ينظر إلى الصورتين، ثم يتقدم ويقول: ما بك يا أمَّاه! فتقول: هذا الخبيث الفاجر يدع الحرائر من بني مخزوم ملطَّمات (١) ويختلف إلى زواني الكوفة يقتادُهن إليه الخبيث ابن هلال بالسحر والطلاسم. وهذا منديله يمسح به غبارَ وجهه لا يراه الناس ساعيًا إلى فجوره.

[قال عمر]: وجعلت تقص على جوان قصة ما كان، وهي تنظر إليَّ كاللبؤة المُجْرية ريعت أشبالها، فما كادت تفرغ حتى جاءت ظمياء مُعْجَلة تقول: مولاتي، صهباء بالباب. قالت كلثم: إيذني لها. فما كدت أراها حتى فزعت قائمًا إليها وأخذتُها بغدائرها: "وإنك لأنتِ أنتِ أيتها الشيطانة. فانقضتْ عليَّ كلثم تذودنى عنها وتقول: دعها أيها الفاجر قلت: إنها فِتَن جارية الخبيث الفاجر عبد الله بن هِلال ولطالما خدمتني بالكوفة! أليس كذلك يا فتن؟ قالت: أراك يا سيدي فما أنا إلا جارية بائسة مسكينة يركبني هذا الشيطان بخبثه وخبائثه. قلت: وأين ابن هلال صديق إبليس؟ قالت: ما تدركه يا مولاي! فقد ارتحل الليل وتركني والثَّقَل. قلت: وما جئتِ تبغين؟ قالت: أرسلني أطلب المال من مولاتي.

قالت كلثم: دعها يا عمر الآن، لقد ضللتُ إذن ما فعلتُ، ووالله لقد خدعني الشيطان ابن هلال. أين كان.

فقال جوان: والله يا أمَّه! لقد كان فجور أبي بخَبِيثتين من بغايا الكوفة، أحبَّ إليَّ من شِركك بالله وكفاك. قُومي يرحمك الله فتوبي إلى الله مما كان من ضلالك وكفرك.


(١) ملطمات: إما عني بيض الوجوه، وأصل ذلك في الفرس إذا سالت غرته في أحد شِقِّي وجهه، وذلك من علامات الكرم. وإما أراد أن وجوههن (وسائرهن بالطبع) تفوح بالمسك، وهي اللطيمة.