لا يرتضيه الشعبُ، فإن هذه ساعة حاسمة في تاريخ الشعب المصريّ، بل ساعة حاسمة في حياة أبنائنا الذي يدبون على الأرضِ، وحياة النّسْل المصري الذي يسرِي في الأصلاب حتى يأتي قدرهُ وإنه لهوْلٌ أي هول أن ينفرد رجُلٌ أو فئة من رجالٍ بالتصرُّف في هذه الأنفس البشرية كأنهم أصحابها وخالقوها والنافخو الحياة في أبدانها. فالله الله أيها الرجال في مصاير بلادِكم وأبنائِكم وورثة المجد القديم الذي يطالبهم كما يطالبنا بأن نعيش أحرارًا في بلادنا، وبناةً لأمجادِنا، وحَفَظةً على تاريخ أجدادنا. وليأذن لنا أولئك الذين يظنون أنهم كما قال الشاعر:
وعلمتُ حتى ما أُسائل واحدًا ... عن عِلْمِ واحدة لكي أزدادها
وليأذن لنا أولئك الذين يظنون أنهم مالكو رقاب هذا الشعب بمالهم أو جاههم أو سلطانهم، وليأذن لنا أولئك الذين هانت عليهم أنفسهم فضاقوا ذرعًا بإباء هذا الشعب أن يكون ككلْب الرفقة يشركهم في فضلة الزَّادِ، فإذا ضجروا به قالوا له اخسأ أيها الكلب، وليأذن لنا المخلصون من الكُتاب الذين يظنون أن التساهل والتغاضىَ لا بأسَ به ما دُمنا لا نملك أسطولا ولا طائراتٍ ولا سلاحًا ولا قنابل ذرّية، وأنه لذلك لابد لنا من أن نحالف حليفًا قويًا ينصرنا إذ بُغى علينا، ويردّ عنا إذا زحف عدو إلينا -ليأذن لنا أولئك جميعًا أن نتكلم بلسان مصر المظلومة المهضومة؛ فإنها هي وحدها التي ينبغي أن تنطق وتقول، فإن قولها هو القول الفصل، لا قول العلماء الذين يرون أن لا علم إلا علمهم، ولا قول أصحاب المال والسلطان، ولا قول المتهاونين الذين يرضون من نيل الحق أيسر ما ينال.
إن هذه المعاهدة الجديدة التي تمخضت عنها المفاوضات الطويلة تقوم على أربعة آساس:
الأول: أن الجلاء سيتم بعد ثلاث سنين.
الثاني: أن تعد مصر بأن تقوم مع إنجلترا بالعمل الذي تتبيَّن ضرورته في حالة تهديد سلامة أي دولة من الدول المتاخمة.
الثالث: مجلس دفاعٍ مشترك يقرّر الرأي في الذي سموه "تهديد السلامة"