وجعلوا له حق تنظيم الأسباب التي تسهّل مهمة اشتراك الجيش المصري مع الجيش الإنجليزي في الحرب.
الرابع: أن تكون الأهداف الأساسية في مسألة السودان هي تحقيق رفاهية السودانيين وتنمية مصالحهم وإعدادهم "إعداد فعليًّا" للحكم الذاتي، وممارسة حق اختيار النظام المستقبل للسودان، وإلى أن يتم ذلك بعد التشاور مع السودانيين تظل اتفاقية سنة ١٨٩٩ سارية وكذلك المادة ١١ من معاهدة ١٩٣٦ - هذا محصَّل ما تقوله المعاهدة الجديدة.
ومصر تقول إنها لا تثق بالمواعيد الإنجليزية المتعلقة بالجلاء فقد بلتْ ذلك أكثر من ستين عامًا فلم تر إلا شرًّا، وإنها لا تريد أن تُقِرَّ ساعة واحدة للإنجليز بالبقاء الشرعي في بلادها فكيف ترضاه وتوقع عليه وتعترف بشرعيته ثلاث سنوات طوالا. ونقول إن تحديد السنوات خداع وبيل العواقب غير مأمون البقاء فإنها لا تدري ماذا عسى أن يكون غدًا أو بعد غدٍ، وإن الإنجليز قادرون إذا شاؤوا على الجلاء في أقل من ستة أشهر جلاء كاملا عن كل بقعة من بقاع هذا الوادي، فالإطالة مُرَادَةٌ لنفسها لأسباب جهلها من جهلها وعلمها من علمها. وقبيح بامرئ ذاق الذل من وعود الإنجليز ستين عامًا أن يجهل شيئًا عن مثل هذا الوعد المدخول المكتم بالأسرار.
أما الأساس الثاني: فإن مصر تقول إن بلاء البلاد المتاخمة لمصر هو كبلائها مِثلا بمثل. فالإنجليز هم الجاذب الداعي إلى أن يعتدى عليها معتدٍ طاغٍ يريد أن يضرب إنجلترا في مكامنها، كما كانوا سببًا في عدوان الألمان والإيطاليين على مصر في الحرب الأخيرة السالفة. فلماذا يريد الإنجليز أن يتخذونا أعوانًا وأنصارًا على إذلال جيراننا، وأن يجعلونا نعترف ضمنًا بأن لهم حق الدفاع عن هذه البلاد التي سلطوا عليها بَغْى استعمارهم؟ ولماذا تسفك مصر دماء أبنائها في سبيل المحافظة على هذه الإمبراطورية التي ملأت رحاب الأرض جورًا؟
ثم إن هذا العدوان إذا وقع، فهو النذير العريان بالحرب العالمية الثالثة، والمعتدى فيه معروف منذ اليوم للإنجليز ولغير الإنجليز. والأسباب الداعية إلى