للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الذي تتعدَّدُ الدُّول على حفافيه، وهو نهر ليس له قيمة زراعية. واعلموا أنه لا يكاد يوجد في الدنيا كلها نهرٌ زراعيٍّ وَاقِعٌ مجراه في أكثر من أمةٍ واحدةٍ، وهذه الأمة الواحدة يكون لها كل السلطان عليه من منبعه إلى مصبّه. لا تخافوا أيها الساسة وتوبوا وتبرأوا مما قلتم، وخيرٌ لكم أن تدرسوا طبيعة النيل والأضرار المخوفة من تمزيقه، وأن تعرفوا ماذا تريدُ إنجلترا بفصل السودان عن مِصر وضمّه إلى الجزء المفضي إلى جنوب إفريقية والجنرال سمطس، فهناك البلاء الأعظم.

أيها المصريون السودانيون: إن النيل هو إفريقية كلُّها فاحذروا أن تضيعوا أوطانكم، وتُلْووا (١) بأمجادِكم، وتضعوا أعناقكم في نير العبودية السرمدية إذا احتوشتكُم (٢) العناصر الغريبة عن إفريقية النائمة التي بدأت تستيقظ من غفوة طالت عليها الآباد. احذروا كذب البغاة الطغاة المفسدين في الأرض، واحذروا ببغاواتهم وصنعاءهم فإنهم الحارقة الآكلة إذا استمكنوا منكم وأوضعوا (٣) خِلالكم يبغونكم الفتنة ويَسُومونكم ذُلا مستورًا ببهرج الاستقلال وتقرير المصير. لا تخافوا مجلس الأمن ولا هيئة الأمم إذا قدمتم إليهم قضيَّة فيها كل دليل لا يبطله شيء من تاريخٍ ولا عقلٍ ولا مصلحةٍ.

وأنتم يا أخواننا وأهلنا وعشيرتنا في السودان احذروا الدولة التي تريد استقلالكم، وتريد أن ترعاه لكم، كما رعت غيره من قبل! ! فإن "مَنْ استرعى الذئبَ ظَلَم" (٤).


(١) أَلْوَى به: أَوْدَى به وأهلكه.
(٢) احتوشتكم: اجتمعوا عليكم وأخذوكم من كل جانب.
(٣) أوضع: أسرع.
(٤) هذا مَثَلٌ.