للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولقد سمع أحد رجالنا، هو ابن شبرمة، يومًا عروة بن المغيرة وهو ينشد هذه الأبيات:

لا أتقى حسَك الضغائن بالرُّقى ... فعْل الذليل، ولو بقيت وحيدا (١)

لكن أعد لها ضغائن مثلها ... حتَّى أداوى بالحقود حقودا

كالخمر خير دوائها منها بها ... تشفي السقيم وتبرئ المنجودا (٢)

فقال: لله در عروة! هذه أنفس العرب.

فهذه نفوسنا، لن تهادن من يعادينا عداوة طويت على الضغائن الصغيرة المحتقرة، فإذا أنابوا وانتصفوا لنا من أنفسهم، وعرفوا قبح ما أَتَوْا وشناعة ما ارتكبوا، فيومئذ نصافحهم مصافحة العربي الَّذي لا يضمر الغدر ولا الغيلة ولا الفتك، ولا يعرف الكذب ولا المخاتلة.


(١) الحسك: نَبْتَة تضرب إلى الصُّفْرة ولها شوك يُسَمَّى الحَسَك أيضًا، لا يكاد أحد يمشي عليه إذا يبس إلا مَنْ في رجليه خُفّ أو نَعْل، هذا هو أصل استعماله، ثم استعمل في الضغن والعداوة والبغضاء.
(٢) المَنْجُود: الَّذي أخذه الكَرْب حتَّى أشرف على الهلاك.