للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عزائمهم، ولتستولى على الأمد (١) قبل أن نطيق نحن صدقًا أو عدلا فيما كتب علينا من هذا القتال المر.

أيريد أن يعلم من كتب هذا النداء أشياء قد غابت عنه؟ فليعلم أن يهود مصر يبذلون اليوم آلافًا مؤلفة من الأموال لشراء قطع متجاورات من الأرض في مشارف مصر، يدفعون فيها من المال ثلاثة أضعاف ثمنها أو أكثر. وليعلم هؤلاء أن يهود مصر قد فرغوا منذ عشر سنوات من الاستيلاء على تجارة الجملة كلها في أرض مصر. وليعلم هؤلاء أن هذه الفئة القليلة من يهود قد استطاعت في زمن الحرب أن تتغلغل في نواح كثيرة من أعمال لم يكن ليهود مصر بها عهد. وما من شيء من هذا كله إلا وهم يأتونه على هدى وبصيرة وتدبير محكم، ناظرين إلى شيء واحد، هو أن الدولة اليهودية سوف تكون في فلسطين، وأنهم يومئذ مطالبون بأشياء يؤدونها لدولتهم، وهي أشياء مفهومة معروفة، الغرض منها أن تخفق راية يهود على هذه البقعة من الأرض ممتدة من شاطئ الفرات إلى ضفاف النيل.

أيها الناس لا تستهينوا بأمر يهود! انظروا ماذا كان من أمرهم منذ عشرين سنة، ثم انظروا إلى خبرهم اليوم، من كان يظن أن لليهود شأنًا أو خطرًا في هذه الدنيا منذ عشرين سنة، إلا من هدى الله؟ ثم انظروا اليوم إلى هذه الفئة القليلة من سكان هذه الأرض كيف استطاعت أن تغلب على عقول الأمم والساسة، وأن تغطى على الحق وهو مشرق كعين الشمس، وأن تدفع أكبر دولة في الأرض وهي أمريكا إلى ارتكاب أبشع جريمة في تاريخ الإنسانية، وأن تدلس على الرأي العالمى كله حقائق هذه الجريمة، وأن تشترى بأموالها القلوب والأمم والناس والأفراد. انظروا إلى هذا كله قبل أن تتكلموا، واتقوا غضب الله قبل أن تزل ألسنتكم بالوعظ المهلك لأنفسكم وأهليكم.

ألا تخافون أن تكون هذه القوة المدمرة التي ذكرتموها في ندائكم -قوة أصحاب الملايين- وسيلة لتسلط يهود يومًا ما على ساستكم ورجالكم وحكوماتكم، وأن تكون تهديدًا لكم ولأممكم بالمجاعات والاضطرابات


(١) الأَمَد: الغايَة والمقصد.