للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حسبكم أيها الساسة القدماء! لئن ظننتم أنكم بأمثال هذا الكلام تستطيعون أن تلينوا الصخر من قلوب يهود مصر حتى ينحازوا إليكم، ويكونوا لكم أعوانًا على أبناء جلدتهم، فقد خاب ظنكم وخاض بكم الأباطيل المركومة. إنه ما من يهودي على ظهر هذه البسيطة إلا وهو صهيوني متعصب يخفي تحت ذلته ومسكنته غوائل الغدر والفتك. إن يهود العالم على قلب رجل واحد: يريدون أن يلتهموا هذا الشرق العربي كله، ويكونوا سادته وكبراءه والحاكمين بأمرهم في كل ثنية من ثنايا أرضه. لا نقول لكم اقرأوا كتب الصهيونية لتعلموا، بل اقرأوا كتابهم الذي يدينون به، واسترقوا السمع فيما يجرى على ألسنتهم وهم يتخافتون بينهم، وادخلوا بِيَعَهم، وانظروا في وجوههم، وتفرسوا في سمتهم وشمائلهم وحركاتهم، فيومئذ تعلمون أن تحت هذه الصفحة البريئة المتلألئة أخطبوطًا سفاحًا قد قتله الظمأ إلى دمائكم ولوَّعه الشوق إلى فرائس أموالكم وبلادكم. وليس بسياسي من لم يعرف عدوه معرفته بنفسه التي بين جنبيه. وليس بسياسي من كتم هذه المعرفة عن قومه في ساعة القتال والحرب. ولا تظنوا أن يهود تنخدع لكم عن أنفسها حتى تنالوا منها شيئًا تعلم أنه خذلان لدينها وعقائدها وأهوائها ومطامعها منذ كان لهم في هذه الأرض مجال يتحركون فيه.

إن الذين نشروا هذا النداء إنما يخادعون أنفسهم وأهليهم عن حقائق ما يجرى على أعينهم وبمنظر منهم ومسمع؛ وهذه صحف تنشر كل يوم من خبائث يهود في أرض مصر ما يفزع، وتضع أيديكم على الجريمة وهي تنشأ في قلب بلادكم، فكيف يتاح لكم أن توفقوا بين ثقتكم بغيب مكنون في قلب اليهود، وظاهر يأتيكم من أفعالهم علانية غير مستور أو محجوب؟ نحن لا نريدكم أن تحرضوا الناس على الفتك باليهود، فالعربي أنبل نفسًا من أن يفتك ويغدر. بل نريدكم أن تدعوا هذه العظات والسياسات المتعفنة جانبًا، وأن تلقوا إلى قومكم بالحقائق مجردة من كل مهادنة أو مراوغة، حتى يعلم شباب العرب أن في قلب بلادهم قوي يخشى أن تغلب عليهم وتنتزع منهم أمرهم، وتفت في محصدات (١)


(١) المُحْصَدات: القوية الشديدة، وأصله في الجبال أذا أُحْكِم فَتْلُها.