للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حتى ما تكاد تجد مصر حيلة في سن القوانين التي تحمي بلادها من استبداد اللص الطارئ بصاحب البلد المقيم.

انظروا لكل بلد تنطق فيه العربية، أو يذكر فيها اسم الله مقرونًا باسم محمد - صلى الله عليه وسلم -، تروا حربًا تشن على أهل العربية والإسلام بلا هوادة، وبأوقح الأساليب وأخفاها:

أيتها العرب! أيها المسلمون!

إنها الحرب. إنها المذابح! إنها الحالقة (١) التي أجمعت أمم أوربة وأمريكا أن تستأصل بها قوتكم وتجعلكم عبيدًا أذلاء في أرض الله. إنها الفتن المظلمة التي أطبقت عليكم من كل مكان، فجعلت فيكم رجالا ونساء وخلقًا كثيرًا صاروا عدوًّا لأنفسهم وبلادهم وإخوانهم، جهلا وعنادًا وتقليدًا وسوء رأي.

إنه لم يبتل قوم في تاريخ هذه الدنيا بمثل ما ابتليتم به، فقد مضت القرون وأنتم في غفلة عن عدو قد استفحل أمره واستوت قوته واستمر مريره (٢)، فدخل عليكم بلادكم فاستعبدكم فيها وحاربكم بعلمه وجهلكم، وقوته وضعفكم، واجتماع كلمته وتخاذلكم، فلما أفقتم من الغفوات الطويلة لم تجدوا في أيديكم مالًا ولا سلاحًا ولا علمًا، فليس لكم منذ اليوم إلا الشيء الذي هو أقوى من المال والسلاح والعلم: الإيمان بحقكم، والصبر على لأواء هذه الحرب الضروس. فآمنوا واصبروا، فإن قوة الإيمان وحدها تدمر حصون البغى، وتدفعكم إلى طلب المال والسلاح والعلم، وتطهر قلوبكم من كل ضعف، ولا تأسوا على قتيل في هذه الحرب، فإن كل دم يراق من دمائكم إنما هو غيث تغاثون به يغسل عنكم أدرانكم، ويسقى ثرى جف، فينبت لكم أبطال الوغى وصناديد القتال في كل ميدان من ميادين هذه الحرب.

أيتها العرب! أيها المسلمون!

اطلبوا المال من وجوهه، ودبروا أمركم في حياتكم، فإن المال قوة غاشمة


(١) الحالقة: المُهْلِكة.
(٢) استمر مريره: استحكمت قوته، وأصله من إمرار الحَبْل، وهو فَتْلُه فتلا محكما.