للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تضارع أقوى قوي الطبيعة التي لا يقف دونها شيء. واطلبوا السلاح من حيث استطعتم، فإن السلاح ناصر من لا ناصر له إلّا قوته فأنشئوا المصانع والمعامل وأخفوا أمركم حتى لا يطلع عليه العدو الذي يعيش بين ظهرانيكم من الأجانب واليهود. واطلبوا العلم حيث استطعتم، فالعلم حياة ابن آدم، لا حياة له بدونه، وهو عون المال والسلاح والحافظ عليهما والقائم بأمرهما. وكل طالب علم فهو مجاهد في سبيل الله وفي سبيل أهله وبلاده، فلا تفتروا عن طلبه. وليعلم كل طالب عِلْم أو مال أو سلاح أنه إنما يفعل ذلك لأمرين: أولهما تحقيق معني الكرامة الإنسانية، والآخر تحقيق الحرية لبلاده وأمته.

أيتها العرب! أيها المسلمون!

لست أكتب لكم لتقرأوا، ولكني أنذر قومى في ساعة لا ينبغي للمرء فيها إلا أن يصدق أهله. أنذركم بعداوة الأمم لكم ولمجدكم وتاريخكم، فرببوا لهم أضغانكم وغذوها وحوطوها ونشئوا صغاركم على بغض هذه الأمم التي حشدت لكم عصبية الجاهلية، وعصبية الصليبية، وعصبية الاستعمار، وعصبية الألوان. أرضعوا كل مولود لبان الأضغان والأحقاد على هؤلاء الطغاة، وأمروهم أن يعيشوا في هذه الأرض لشيء واحد هو أن يقاتلوا أهل البغى والعصبية حتى تستأصلوا هذه الشأفة الخبيثة من أرض الله التي أورثهم إياها قائمين بالقسط والعدل والرحمة وإيتاء كل ذي حق حقه. وإنه لا ينجيكم من هذه البلية إلا أن تتمرسوا بصدق العداوة، فهي التي توقظ فيكم كل عزيمة غافلة، وتهديكم إلى مواطن الضعف في نفوسكم، وإلى مكامن الغدر في نفوس أعدائكم، ومن جهل مواطن الضعف في نفسه كان خليقًا أن يصاب منها، ومن عمى عن مكامن الغدر في نفس عدوه كان قمينًا أن يرتكس (١) في مهاويها. لقد فضح الصبح أعداءكم وأضاء لكم عن خبايا قلوبهم، فلا يكن أمركم عليكم غمة، فأنتم بيبن اثنتين: إما المكاشفة بالعداوة السافرة في غير مداورة أو سياسة، وإما أنْ ترضوا لأنفسكم أن تصيروا


(١) يرتكس: يَرْتَدّ.