طعمة لهذه الأمم الباغية على الشرذمة اللئيمة من إسرائيل. وما أظنكم ترتضون الثانية فليس لكم إلا الأولى.
أيتها العرب! أيها المسلمون!
لقد انقضت دهور وأنتم تساقون إلى قدر لا يعلم غيبه إلا الله، فاستبد بكم قوم أولى ضرار وبأس شديد، فأفسدوا قلوب جمهرة من أبنائكم وذراريكم، فنشأت تحت ظلال هؤلاء الطغاة ناشئة من أنفسكم تعاظم أمرها، وصار لها فيكم مكانة تتبوأها. وكل ذي مكانة أو سلطان أو ثروة فهو ملئ بأن يخدع الجماهير وهم أسرع إلى طاعته ومتابعته فيما يخدعهم به، فاحرصوا على ألَّا تتبعوا الرجال على أسمائها بل اتبعوا الهدى وإن جاءكم على يد المحتاج الراغب، وتبينوا المدلس عليكم من الناصح لكم. ولا تقولوا هؤلاء سادتنا وكبراؤنا، فما أضل البشر إلا سادتهم وكبراؤهم. ولا تترددوا إن رأيتم معوجًّا أن تقوموه مهما بلغ من الشأن، فإن تقويمكم إياه أبقى له وأجدى عليه. ولا تخروا على آراء السادة والكبراء صُما وعميانًا، بل اسمعوا نبضات القلوب، فرب لسان ينطق بالخير وهو ينبض بما فيه فسادكم وفساد أمر بلادكم. وأبصروا وتبصروا، فإنه لا يعطى المقادة إلا السائمة التي تقودها عصا الراعي لا العقل والإدراك. احملوا سادتكم وكبراءكم على وضح الصراط، فكل ضال منهم سوف يضل خلقًا منكم كثيرًا ويورده موارد الهلاك.
أيتها العرب! أيها المسلمون!
إنها ساعة في تاريخكم ليس بعدها إلا النصر أو الهزيمة، وكل امرئ منكم يحمل تبعة لا يسقطها عنه عذر، ولا يعذره في أداء حقها شيء. وأنتم أربعمائة مليون نسمة لا عصابة قليلة في الأرض، فإن كنتم صفًّا واحدًا وبنيانًا مرصوصًا، فاعلموا أنه لن يغلبكم شيء، ولن تهد هذا البنيان قوة مهما بلغت على ظهر هذه الأرض، فتماسكوا وتقاربوا وتعاونوا، ولا تدعوا ثغرة يدخل منها عليكم عدوكم لينقض هذا البنيان الذي بناه آباؤكم وأسلافكم في آلاف السنين، وأنتم الأعلون إن شاء الله، وليهود الذلة والمسكنة مضروبة عليهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.