ففي تونس الحزبُ الدستورى، ورئيسه الحبيب بورقيبة. وفي الجزائر حزبُ الشعب، ورئيسه أحمد مصالى الحاج، ومندوبه في مصر والسودان هو الشاذلي المكى. وفي مراكش حزبُ الاستقلال ورئيسه محمد علال الفاسي. وفي المنطقة الخليفية عن مراكش حزبُ الإصلاح ورئيسه عبد الخالق الطريس. وهذه الأحزابُ هي المعبره عن بلاد المغرب كلها، ورؤساؤها جميعًا مقيمون الآن في مصر، وجميعهم على رأي واحد قد أذاعوه في كل وقت وفي كل بلد، وهو "لا مفاوضة إلا بعد الاستقلال" وهم جميعًا لايزالون إلى هذه الساعة على هذا الرأي لم يتحوَّل عنه أحدٌ منهم، ولن يتحوَّل بإذن الله. وإجماعُ هؤلاء الرجال هو إجماع أمم المغرب كلها، شعوبًا وأفرادًا. وهؤلاء الرجال هم الذين شرَّدتهم فرنسا أو إسبانيا وَسجنتهم ونفتهمْ واضطهدتهم، وباعدَت بينهم وبين أهليهم وحلائلهم وأبنائهم، وأرادت أن تقصم أعوادهم فلم تجد إلا بأسًا ومضاءً ومصابرة وجهادًا في سبيل الحق الأول لكل شعب وهو الحرية والاستقلال. وهؤلاء الرجال هم الذين بقوا إلى اليوم لا ينخدعون بما انخدعت به أمم من قبلهم من مفاوضات ومعاهدات ومحادثات، وسياسات خربة خراب ذمم اليهود. ومن هؤلاء الرجال وحدهم يؤخذ حديث ما بين فرنسا والمغرب، وعلى هؤلاء الرجال وحدهم يعتمد، وإلى هؤلاء الرجال وحدهم تُلْقِى شعوب تونس والجزائر ومراكش بالمقادة، بعد أن جرَّبتهم وعرَفتهم واطمأن قلبها إليهم وإلى ما يأتون وما يذرون. وهم قوم لا يفتات عليهم، ولا يقضى على شعوبهم وهم غُيَّب. وهم رجال يعملون ولا يدَّعون ولا يتظاهرون، ولا يخادعون الناس بشيء لم يكن، أو بسلطان لهم لم ترضه بلادهم وشعوبهم، وهم قائمون على الدعوة إلى تحرير بلادهم، ولهم مكاتب في مصر والشام، وفي فرنسا وإنجلترا وأمريكا، لم تزل تتكلم بالكلمة الواحدة التي لا حِوَلَ عنها وهي:"لا مفاوضة إلا بعد الاستقلال".
فما هو إذن "حزبُ الشورى والاستقلال" الذي اتخذ لنفسه رئاسته محمد ابن الحسن الوزاني هداه الله، واحتمل ثقل النيابة عنه محمد العلمي العربي سدَّد الله خطاه، إنه حزب كما تسمى الأحزاب، ولكني أعلم ويعلم كل من وقف