على حقيقة النبأ في بلاد المغرب، أنه حزب لا يتبعه من شعب مرَّاكش أحد إلا من شذ عن إجماع أمة قد جاهدت منذ سنة ١٩١٢ وظلت تقاتل فرنسا وإسبانيا إلى سنة ١٩٣٣، لم تضع السلاح إلا بعد أن فنيت صفوة المجاهدين، وقلَّ الزاد وعزَّ السلاح وحوصروا حصارًا شديدًا أكثر من إحدى وعشرين سنة كاملة.
وما أظن أحدًا نسى جهاد البطل الذي أذلَّ هامات الإسبان والفرنسيس حتى خدعوه وأمّنوه ثم غدروا به، وهو الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابى.
إن هذا الحزب الذي قدَّم إلى المقيم الفرنسى الباغى الجنرال جوان "مذكرة ضافية لتعمل حكومة باريس على تحقيق ما ورد فيها بما يحفظ حسن العلاقات مع فرنسا" لا يعبر البتة عن عزيمة شعب مراكش، بل يعبر عن رأي رئيس الحزب ونائبه وحدهما. فنحنُ نعلم علم اليقين أن حزب الاستقلال، وحزب الإصلاح في مراكش، هما صاحبا الرأي الأول والأخير في هذا الأمر الذي يتعلق بإجماع الشعب المراكشي، وأن الأمة المراكشية كلها من وراء كلمتها:"لا مفاوضة إلا بعد الاستقلال"، ونحن نعلم أن جلالة محمد الخامس ملك مراكش يعلم أن الشعب جمع على أن لا مفاوضة إلا بعد الاستقلال، وأنه هو نفسه الذي يتولى قيادة الدعوة إلى أن لا مفاوضة إلا بعد الاستقلال.
وقد استطاع نائب حزب الشورى هذا، أعني الأستاذ العلمى أن يوجه نظر الصحافة المصرية إلى هذه البدعة التي مضت عليها شهور منذ قام محمد بن الحسن الوزاني داعيًا إلى الاتفاق مع فرنسا أو على الأصح مظهرًا رغبته في الاتفاق مع فرنسا، بعد ابتعاده عن حزبه الذي نشأ فيه، وهو حزبُ الاستقلال الذي يرأسه محمد علال الفاسى. وقد نجح الأستاذ العلمى مرتين، ولكن هذه الأخيرة هي أشدهما خطرًا. ولو علمت الصحافة المصرية أن شأن حزب الشورى الذي ذكرناه، لا يكاد يكون شيئًا في بلاد مراكش، لطوت هذه الصحيفة مرة واحدة، ولرجعت حديثها عن شأن مراكش إلى رؤساء حزب الاستقلال وحزب الإصلاح وسائر الأحزاب المغربية في تونس والجزائر، ولو فعلت لعلمت أن هذه "المحاولة الجديدة" ليست سوى محاولة برجل زعيم حزب، نعم، ولكن بغير شعب.