للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محمد يوسف نجم، والأستاذ يحيى حقي، والدكتور عبد الرحمن بدوي، والأستاذ فتحي رضوان، والدكتور ناصر الدين الأسد، ناهيك عن طلبة العلم من كل حدب وصوب مثل الدكتور شاكر الفحام، والأستاذ أحمد راتب النَّفَّاح، والدكتور عبد القدوس أبو صالح، وغيرهم ممن غابت عني أسماؤهم الآن. وكنت أنا وغيري من صغار الشباب، خاصة الأستاذ عبد الحميد بسيوني، والأستاذ الحساني عبد الله، وأخي المرحوم الطناحي والأستاذ علي شاكر، -رحمه الله-، ننتشر في مجالس القوم حيث يدور الحديث في شتى المواضيع وتحتدم المناقشات وتصطدم الآراء، وينبعث من غياهب الماضي ذكر رجال وأحداث، فسمعنا ووعينا، وعرفنا ما لم نكن نعرف عن زمن لم نشهده، ساعدنا على أن نفهم حاضرًا نتمثله. وكنت شديد الانتباه لما يتعلق بالأستاذ شاكر، فعرفت -إلى جانب ما حدثني به عن نفسه كما ذكرت آنفا- أشياء أخر عنه. واستبان لي حينئذ أنني لست أمام محقق أديب فقط (١)، ولكن في حضرة رجل مناضل مصري عربي إسلامي، نافح عن مصر وهاجم ساستها، وهَوَى بِسنان قلمه طَعْنا في الاستعمار البريطاني وأعوانه من بني جلدته ونافح عن قضية مصر والسودان، وقضية فلسطين وسائر قضايا البلاد العربية والإسلامية كما سيأتي بيانه.

فلما عرفتُ ما عرفت أدركتُ أن العزلة التي ارتضاها الأستاذ شاكر لنفسه منذ سنة ١٩٥٣ قد حالت بين جيلنا وبين عِرْفان نضاله في سبيل أمته، وأن هذا الجهل سيزداد إيغالا في مطارح الزمن، وستنشأ أجيال بعدنا أشد منا عمىً، وأقبح جهلًا، وأَضْيَع لِذِكْرِه. فاستجمعت شجاعتي ذات مساء في أواخر شهر إبريل سنة ١٩٦١، وقد آنست منه "انبساطا"، فقد كان يحدثني عن واقعة فَكِهَة حدثت في "دُكَّان الحاج سَعْد المجلِّد" -رحمه الله- عصر ذلك اليوم، وقلت: لي رجاء هو مِن حقِّ جيلي عليك، بل ومن حق الأجيال الآتية عليك أيضًا. ففي كل أوان، بل في كل يوم، ينشأ طالب علم لم يدرك زمنه ما كتبتَ في المجلات


(١) كما عرفته من كتبه كتفسير الطبري وطبقات فحول الشعراء وغيرهما، ومن قراءتي عليه المفضليات والأصمعيات والمعلقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>