أهذا هو النقد الذي هو "أقرب إلى المثال الصحيح"؟ وما قلته في المثال الثاني يقال بنصه هنا، فلترجع إليه جماعة الأصدقاء.
ثم يعود فيقول عن هذا المثال أنه يمثل "تلاعبه بالألفاظ اللغوية، والوقوف بها دون ما تُشِعُّه في الخيال من صور طريفة" انتهى كلام الأستاذ الجليل.
* * *
ومن أعجب العَجَب أن يُعدَّ اعتراض الرافعي ونقده هذا البيت تلاعبًا بالألفاظ اللغوية، ولا يكون هذا الشعر نفسه قد بُنى على التلاعب في غير طائل، وعلى تكلف اللفظ لترميم قافية البيت. وأول ما نقول في هذا أننا نخالف بعض رواة العربية ثم الرافعي في أن يلزم أحد هذا الحرفين صاحبَه على كل حالة وفي كل ضرب من ضروب القول.
وبيان ذلك أن لأصحاب العربية في هذا الحرف (قُزَح) ثلاثة أوجه من الرأي:
الأول: أن (قُزَح) اسم شيطان، أو اسم ملك موكل به.
والثاني: أن (القُزَح) هي الطرائق والألوان التي في القوس، والواحدة قُزْحة.
والثالث: أن يكون من قولهم: قزح الشيء، وقحزَ إذا ارتفع.
قلت: وكأنهم أرادوا أن يجعلوه معدولا به عن (قازح)، وهو المرتفع ففي الوجه الأول لا يضير أن ينفصل الحرفان، إذ كان (قوس) اسم جنس، و (قزح) اسم علم بعينه، وأضيف أحدهما إلى الآخر إضافة نسبة. فهو بمنزلة قولك (كتاب محمد). ومن هنا جاز أن يبدلوا تسمية العرب الأوائل فقالوا له:"قوس الغمام" و"قوس السحاب". ويقول ابن عباس - رضي الله عنه -: "لا تقولوا قوس قُزَح، فإن قزح من أسماء الشياطين. وقولوا (قوس الله) -عز وجل-. وعلى هذا يجوز قول القائل: "ألقى قُزح قوسه" بإضافة القوس إلى ضميره، على أن الشيطان، أو المَلَكَ الموكل بالقوس قد ألقى (قوسه).
وأما الوجه الثاني والثالث فلا يجوز الفصل معهما البتة على إرادة (الاسم) الذي تعرفُ به هذه الطرائق المتقوّسة التي تبدو في السماء. فإن الحرفين على