حالتهما ينزلان منزلة الكلمة الواحدة إذ ذاك. وللقول في هذا مجال ليس هنا مكانه ولا أوانه.
ونحن نرى أن العقاد قد ذهب -وإن لم يرد ذلك- إلى الوجه الأول، وأن شعره يحمل على رأي جائز في العربية.
هذا، وقد ذهب الرافعيُّ نقد بيت العقاد إلى رأي أصحاب اللغة في امتناع الفصل بينهما، وأن الحرفين كالكلمة الواحدة على تتابعهما. وعلى ذلك لا يقال "ألقى (قُزح) قوسه" وأولى إذن ألا يقال إن (قُزَح) أدبر وانصرف، لأنه ليس بذاته يدُلّ على معنى، أو يقع اسمًا لشيء بعينه، فهو إذن لا يجوز عليه الإسنادُ إسناد الخبر أو الفعل كالإلقاء والإدبار والانصراف. فأين التلاعبُ في هذا الرأي باللفظ اللغويّ؟ ولو قد كان وقع في بعض كلام الرافعي فصل أحدهما عن الآخر لأمكن أن يقال إنه يتلاعب باللفظ، ولكن ذلك لم يكن. .!
وأما الأستاذ العقاد فقد نقد رواية قمبيز في سنة ١٩٣٢، وجعل من ملاحظاته أن هذه الرواية "لم تخلُ من مخالفة للنحو والصرف في القواعد المنصوص عليها"، وأتى في هذا الموضع من نقده بما خطأ فيه شوقي، وليس بخطأ.
يقول شوقي على لسان أحد المجان (ص ٣٢).
أَلقَدَحَا أَلْقَدَحا ... الخمر تنفي التَّرَحا
قصرًا أرى أم فَلَكا ... وشجرًا أم قُزحَا
ثم علق (شوقي) في الوجه (٣٢) نفسه فقال: "قالوا: إن قزح لا يفصل من قوس، ولكن الناظم لم ير بأسًا في فصله لسهولته وكفاية دلالته" انتهي. ونحن نجيز هذا في العربية ولا ننكره.
قال ذلك شوقي في التعليق، ثم جاء الأستاذ العقاد في كتابه (رواية قمبيز في الميزان) يقول ص ١٥ ". . . . ويقول (قُزَح) ولا تذكر قُزَح إلا مع قوس". وَبينٌ أن كلام الأستاذ العقاد ليس عربي العبارة، فإن أصحاب العربية منعوا (فصل) قُزَح من قوس، ولم يمنعوا (ذكر) قزح إلا مع قوس. والفرق بين اللفظين كبير. وبينٌ أيضًا أن هذا ليس نقدًا فإنه لم يأت بأكثر من تكرار ما ذكره شوقي في تعليقه،