وكان الوجه أن يبين فساد رأي (الناظم) إذ لم ير بأسًا في الفصل للعلة التي ذكرها.
ومع ذلك. . . . فقد كان نقد العقاد في يونية سنة ١٩٣٢، ولم تمض ستة أشهر أي في يناير سنة ١٩٣٣ حتى فصل العقاد نفسه بين (قزح) وقوس في شعره هذا! ! فلعل هذا أن يكون بالتلاعب بالألفاظ اللغوية أشبه، وبتصريف النقد على الهوى أمثل. وأما بيتا العقاد:
ألقى لهنَّ بقوسه ... قزحٌ وأدبر وانصرف
فلبسن من أسلابه ... شتى المطارف والطرف
فقد بنيا على ألفاظ يدفع بعضها بعضا عن معنى يولده -من لفظ (القوس) التي هي من آلات القتال. وكان سبيل التوليد هكذا: القوس من آلات القتال، واستعيرت للطرائق في السماء مضافة إلى (قُزَح)، فيكون ماذا لو أنشأ من لفظ هذا القوس صورة للقتال بين (قُزَح) وبين جميلات شاطئ استانلي؟ ويكون ماذا لو زعم أن الجميلات انتصرن على (قُزَح) صاحب القوس، فألقى سلاحه ثم أدبر وانصرف؟ ويكون ماذا لو جعل ألوان (قوس قزح) أسلابًا كأسلاب المحاربين في القتال ظفر بها الجميلاتُ بعد انهزام (قزح)؟ ويكون ماذا لو زعم أنهنَّ اتخذن هذه الألوان مطارف وطرفا يلبسنها ويتحلين بها؟ وهكذا
وهو توليد كما ترى، وتوليد من لفظ واحد. ونحن لا نرى بأسًا -وإن كنا لا نرتضيه- أن يأتي الشاعر بالمعاني مولدة من ألفاظ اللغة، فإن من بعض اللفظ في العربية لما يُضرم الفكر ويُؤرث المعاني ويستفزُّ الخيالَ إلى أعلى مراتبهِ. على أن هذا لا يتحقق إلا أن تستقيم الطريقة للفكرة، ويتراحب المجال للمعاني، ويسمو المدى بالخيال، على أن تصحَّ المقابلةُ بين معاني اللفظ وسائر الصور التي تتولد منه.
والمقابلة في هذا الشعر فاسدة باطلة. فهي مقابلة بين (قزح) وبين الجميلات على شاطئ استانلي، ثم بين الطرائق المقوسة ذات الألوان في السماء (القوس) وبين ما ترتديه الجميلات من مطارفهن. وكان حق المقابلة أن يكون (قزح) هذا