شعر الشاعر العربي فلا يجد فيه إلَّا الضعف والتخنث والبكاء والذلة والضراعة والحبَّ المريض فذلك أمر لا تقبله النفوس العزيزة التي تستشعر العزة والنخوة والمروءة، وأما الفتنة التي فتن بها الناس من قولهم الشعر العالمي والشعر الإنساني والشعر. . . اللهم إني أعوذ بك من سوء المنقلب. . . فهذا الكلام لا معنى لهُ في حياة الأمم الضعيفة المظلومة التي لا قائد لها ولا إمام .. أيغنّى العصفور الضعيف للثعبان الفاتك ليسحره بألحانه وتغريده. ألا إن لحم العصفور أشهي إلى الثعبان من لحنهِ. . . وما في ذلك إلا سوءُ التقدير وأفن الرأي (١) وقلة الحيلة.
إن الأرض العربية تطالب شعراءَها وأدباءها وكتَّابها وأصحاب الرأي فيها أن يتخذوا ألفاظهم في شعرهم وأدبهم وكتابتهم وآرائهم من النار والحديد والبراكين والدوىّ والرُّعود المجلجلة فعسى أن يهبَّ هؤلاء النوَّام من سباتهم وأن يرجعوا عن غفلتهم ويعلموا أن الأمر جدٌّ وأن الحياة صراعٌ وأن عدة هذا الصراع هو الإيمان والصبر وبذل النفس وكبح الشهوات واطِّراح الجبن والخور. فإذا خرجنا من الميدان بالنصر والظفر فلنطلب نفع الإنسانية في كل بقعة من بقاع الأرض ولنمحُ آثار المظالم والعدوان والفجور والبغى ولنغن ما وسعتنا الألحان وما واتتنا الأغاريد.
وسنعود قريبًا إلى التوسع في هذا القول حين نبتدئ -بعون الله- كلامنا عن الشعر الوطنى في هذه المجلة يوم نجد من شعرائنا إقبالًا على إرسال شعرهم الوطنى كما أمَّلنا ذلك في النشرة التي كتبناها في أول مقتطف نوفمبر الماضي والله المستعان.