ونحن لا نعدُّ أسلوبنا أو أسلوب القرن الرابع في النثر مقاربًا أو شبيهًا بالنثر الجاهلى فكذلك القرآن من النثر الجاهلى بهذه المنزلة، فألفاظ القرآن هي الألفاظ العربية ولكن نظمه وسياقه وبلاغته ومواقع كلماته المعجزة لا صلة بينها وبين أي كلام من كلام البشر في جاهلية أو إسلام.
ولماذا يعدُّ صاحب الكتاب هذا القرآن من النثر الجاهلى، ويتخذه دليلًا على وجود النثر في الجاهلية مع أن الحديث النبوي وكلام الصحابة المرويّ بالأسانيد الصحيحة الثابتة هو أقرب في الأدلة وفيهِ بغية صاحب الكتاب. فأنت إذا قرأت السيرة وجدت كثيرًا من كتب الرسول إلى القبائل والأمم ووُلاة جيوشهِ ووجدْت أكثر من ذلك في كلام أبي بكر وعمر وعلي وعثمان وغيرهم من أهل الجاهلية الذي أسلموا واتبعوا الرسول النبيّ الأميّ - صلى الله عليه وسلم -.
القرآن كتاب الله، فإذا أردنا أن نبحث عن الأدلة عن النثرِ الجاهليّ فهو في كلام الصحابة والرسول نفسه.
هذا ونحن نعتذر إلى القراءِ عن تقصيرنا في الكتابة عن كتاب النثر الفنيّ فإنّ لهذا موضعًا آخر إن شاءَ الله.