في سبيله أحسن الثواب وأعظم الذخر عنده فقال {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١٢٠) وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} * ثم أخبر عمن قتل في سبيله أنهُ حي يرزق فقال {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} * فتنجزوا موعود ربكم ووطنوا أنفسكم على أقصى أثر وأمض ألم وإياى والهوينا!
"وقتيبة هذا هو الذي تلقاه ملك الصَّغانيان بهدايا ومفتاح من ذهب ودعاه إلى بلاده وكذلك فعل ملك كفتان وأنصف له مِن مَلِك أَخْرُون وشُومان (١) وكتب إليهِ الحجاج يقول: إذا غزوت فكن في مقدم الناس وإذا قفلتَ فكن في أخرياتهم وساقتهم، حتى فتح بلادًا واسعة نشر فيها الإسلام فأخرجت العظماء من كتّاب المسلمين وفقهائهم ومحدّثهم وعلمائهم.
"وهذا أشرس بن عبد الله السلمي عامل هشام بن عبد الملك على خراسان أرسل لأول عهده إلى أهل سمرقند وما وراء النهر يدعوهم إلى الإسلام على أن توضع عنهم الجزية فسارع الناس هناك إلى الإسلام وحين كتب إليه أمير سمرقند إنهم لم يسلموا إلَّا تعوذًا من الجزية. قال له مَن اختتن وأقام الفرائض وقرأ سورة من القرآن فارفع خراجه. وقد روى عن يوسف بن عمر عامل هشام على العراق أنهُ مع إسرافه في العقوبة كان طويل الصلاة ملازمًا للمسجد ضابطا لحشمه وأهله. وكان يصلى الصبح ولا يكلم أحدًا حتى يصلي الضحى. ولقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى ملوك السند يدعوهم إلى الإسلام وقد كان سيرته بلغتهم فأسلموا وتسموا بأسماء العرب.
(١) كفتان، أَخْرون، شُومان، بلاد بالصغانيان وبالقرب منها وراء نهر جيحون. ولم أجد من ضبط الموقع الأول، أي: كفتان، وذكرها الطبري جميعا في غزو قتيبة خرسان في حوادث سنة ٨٦، جـ ٦، ص ٤٢٥ (طبعة دار المعارف).