"وهذا قل من كثر من موقف خلفاء الأمويين وعمالهم إزاء الإسلام وعملهم على نشره والترويج له في غير عنف ولا شطط، أفبعد هذا يقول عنهم قائل "إن تلك الأقلية العربية التي اضطرت إلى الإسلام اضطرارًا وأكرهت على الدخول في هذا الدين إكراهًا، عرفت كيف تثأر لنفسها حين سنحت لها فرصة الانتقام فتقاضت ثمن ذلك الفوز مضاعفًا وشفت غلة صدورها المكتومة" اهـ.
هذا وكنا نراه لزامًا على مترجم الكتاب الأستاذ كيلاني أن يتعرض لهذه المواضع ولا يتنصل منها، نعم نحن نقول معه أن الترجمة غير النقد، ولكن ذلك صحيح حين يترجم للعلماء دون غيرهم، أما حين يظن في كتاب مترجم أنهُ مما يقع في أيدي الناشئين، فلا. . . إن أبناءَنا في المدارس المصرية من ثانوية وعالية لا يعرفون عن مثل عمرو بن العاص إلَّا أنهُ فتح مصر، وعن عمر بن عبد العزيز أنهُ كان خليفة وعن فلان وفلان مثل هذا أو أقل، فكيف نترك مثل هذه الآراء الفاسدة غذاءَ ألباب الذين يريدون من أبنائنا أن يقرأوا كتابًا سهلًا دانى الثمرة. وهم لا يعلمون من التاريخ دقائقه ولا من الإسلام إلَّا كلمات حفظوها لا تبلغ بهم درجة من العلم فيهِ. والمترجم الذي يقول في مقدمة كتابة للقراء إني قد آثرت نقل هذه الفصول من دوزى "لتبيان وجهة تفكير عالم أوربى كبير، وهي -وإن خالفت آراءَنا أحيانا في بعض مناحيها- جديرة أن تقرأ بعناية فائقة" الذي يقول هذا يجب عليهِ أن ينقد المغالطات والمفاسد بعناية فائقة كذلك في زمن قد اجتمعت فيهِ على التاريخ الإسلاميِّ عناصر الفساد والإفساد من كل ناحية. بل في زمن نحن نتهيأ فيهِ لإعادة المجد الضائع والحق المغتصب بفقه ما كان عليهِ أسلافنا فقهًا صحيحًا لا يميل إلى الخرافة ولا يشطُّ مع التقليد والتورط والفساد. أقول هذا وأنا أشكر المترجم على ما أضافهُ إلى قليل علمنا عن آراء هذه الفئة المستشرقة التي نفعت العربية نفعًا كبيرًا بحفظ كتبها ونشرها حين أضاعتها أبناؤها وعموا وصمُّوا ثم عموا وصموا، ولولا رحمة الله بمن نشأ فينا وأحيا بعض مجد العربية لغمرتنا الموجة الطاغية التي وقانا الله بعض شرّها.