للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأخيهِ مسعود: يا مسعود! قد أجدنى تماثلت، وخفّت الأشياء عندنا، واحتجنا إلى زيارة بني مروان، فهل لك بنا فيهم؟ فقال نعم! فأرسلهُ إلى إبلهِ يأتيهِ منها بلبن يتزوّده، وواعده مكانًا. وركب ذو الرمة ناقته فقمصت به، وكانت قد أعفيت من الركوب، فانفجرت النوطة التي كانت به. فلما بلغ موعد أخيهِ جهد فقال: أردنا شيئًا وأراد الله شيئًا. وإن العلة التي كانت بي قد انفجرت. مكث أيامًا حتى ثقل، وكان معه من أخواله الحجاج الأسدى فسأله: يا غيلان! كيف تجدك! فقال: أجدنى والله يا أبا المثنى اليومَ في الموت لا غداة أقول:

كأني غداة الزُّرق يا مى مُدنفٌ ... يَكِيد بِنَفْسٍ قد أحمّ حِمامُها (١)

فلما احتضر كان آخر ما قاله:

يا ربِّ قد أشرفتْ نفسي، وقد علمتْ ... علمًا يقينًا لقد أحصيتَ آثارى

يا مُخْرِجَ الروح من جسمى إذا احتضرت، ... وفارج الكرب، زَحزِحْني عن النارِ

فمن مبلغ ميًا منية هذا القلب الذي شب في حبها حتى هَرِم قبل حين هَرَم؟ ؟


(١) يكيد بنفسه: يجود بها عند الموت.