القانون الذي يضبط دولة الجماعة ويقوم على حياطتها، طلبا لإسعادها والترفيه عنها، ووقايتها من التدهور الأدبى والعقلي والسياسي والاجتماعى.
وقد كان من بلاء المدنية الأوربية الفاجرة، أن انفجرت في الأخلاق الفردية انفجارا بعد انفجار بعد انفجار حتى صارت مِزَقُ الأخلاق نثرا متطاورا لا يجمعه جامع يكون للجماعة -من صعلوكها إلى مليكها- جِماعا ومِلاكا واستحصادا، يمسح عن آلام البشرية تلك الدموع الغزيرة التي تجري تحت ظلام الأثرة والبغي والاستبداد والشهوات المظلمة في نفوس مظلمة مثلها وأنشأت هذه الطريقة الدنيا من الشهوات المستحكمة الغالبة، مبادئ يتخذها الأفراد شعارًا، ثم جعلت تتخذها بعض الجماعات رمزا لحياتها، ولكنها مع ذلك لا تعد نظاما لجماعة، بل تبديدا لنظام الجماعة أو لما ينبغي أن يكون عليه نظام الجماعة.
فمن هذا البلاء ما يقوم في عقول بعض المتأدبين من حرية الإنتاج الأدبى على أي صورة من الصور، أي أن يدور الأديب بإنتاجه حول شهواته الخاصة التي يبثها أدبا في أمته، ويدعى مع ذلك أن هذه الحرية الشخصية في نظرته إلى الحياة وأعماله في الحياة، وتصوير هذه النظرات والأعمال، عمل أدبى حر يكفل له الناس الانتشار والذيوع، وأن يدخل على الأحرار في بيوتهم، وعلى العقائل في خدورهن الطاهرة وعفافهن النبيل، وأنه ينزل على الأمهات والزوجات والعذارى وحيًا جديدًا من الفن الذي تضمن له فنيته حرية التغلغل في حصون الأمة المقاتلة عن الذرارى والأبناء وكيان الشعب المولود للمستقبل.
ولا يبالى هؤلاء أن يكون في داخل هذه الحصون الشعبية الهائلة معنى جديد يخذل القوى العاملة على إنشاء الحياة الاجتماعية إنشاء يضمن لها البقاء والاستمرار والتفوق والسمو بالشعب إلى القوة الحاكمة التي تدفع عن أرض الوطن بلاء الاستعباد. فإن الرجل إذا استعبدته الشهوة، فهو يدور أبدا في تصريفها مستعبدًا ذليلا لا يدفع عن نفسه إذا ما أوتى من هذه الحاسة المتلينة الخاضعة بطبيعتها لسلطان اللذة غير متورعة عن التدلى إلى الحضيض، وغير حافلة إلا بالساعة الحاضرة العمياء المظلمة ظاهرا أو باطنا.