الجميع، لتحقق للكيان الاجتماعي كله سيادة تامة على الأسباب التي يصير بها الشعب قوة عاملة على إيجاد السعادة للشعب وسلالة الشعب في مستقبل أيامه وأعوامه.
فأدباء الطابور الخامس الذين اتخذوا لأنفسهم شعارًا من حرية الفن وحرية الأدب، وحرية التعبير عن ثورة النفس المشتهية المستكلبة، هم أعدى أعداء هذا الشعب المسكين، وهم البلاء الماحق، وهم الذل الحاضر والقيد الربوض، وهم سفالة الإنسانية، إذ كانت الإنسانية لا تستطيع إلا أن تنزل بهم إلى الحضيض الأوهد من الخضوع لسلطان الشهوة، وهم الهلاك المحقق، لأنهم سبب التفرقة إذ كان بناء أدبهم على الاستقلال الفردى المحض الذي لا يقدر للجماعة معنى الجماعة بل يأتيها بكل أسباب التمزيق والتعاند والخلاف بين القوى إذا تحررت فانطلقت فاتخذت كل قوة سبيلا مناقضا لاتجاه صاحبتها، فتصبح قوى الشعب كلها في نزاع دائم لا خير فيه، بل فيه كل الشر وكل البلاء وكل المحق.
إن أحدًا من الناس لا يستطيع أن يفرغ دمه من معاني الشيطان، لا يستطيع أن ينقي أعصابه من وراثة الغرائز الإنسانية القديمة الآتية مع الإنسان من الخطيئة الأولى لآدم صلوات الله عليه. وإن أحدا لا يعطى التحكم في تصريف القدر على الوهم والأحلام، ولكن الإنسان أعطى العقل، وأعطى مع العقل الإرادة وأعطى مع الإرادة طبيعة التعاون وأعطى مع هذه الطبيعة نظام الجماعة فأعطى مع نظام الجماعة حقيقتين عظيمتين.
فالحقيقة الأولى، هي قدرة الفرد في بعض حياته على الحياء وعلى التضحية، وبذلك يستطيع أن يضع تحت أعين الجماعة قدوة حسنة ومثلا أعلى، ينبل ويسمو ويترفع ويضئ في الأجواء البعيدة بروح الجمال والحق. والحقيقة الأخرى، هي سرعة استجابة الجماعة للمثل الأعلى بالاقتناع من ناحية والتقليد من ناحية أخرى، وبجميع ذلك تستطيع الجماعة أن تجعل نظامها ساميا أبدا عظيما دائما، متماسكا على مر الزمن.