(ثانياً) ولموافقتها الأصول فى أن المأموم لا يتم صلاته قبل سلام غمامه (ولم يفرق) الحنفيون ومالك فى العمل بهذه الكيفية بين أن يكون العدو فى جهة القبلة أم لا (وفرق) الشافعى وأحمد والجمهور فحملوا حديثى ابن مسعود وابن عمر على أن العدو كان فى غير جهة القبلة. وأما إذا كان فى جهتها فيعمل بما تقدم فى حديثى ابى عياش وجابر (ويؤيده) ما تقدم فى حديث ابى عياش من (قوله) قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة والمشركون أمامه (وقول) عطاء عن جابر: وذكر أن العدو كانوا بينه وبين القبلة.
(ولا فرق) فى ذلك بين الثنائية وغيرها، لعموم آية:{وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} فإذا صلى الرباعية صلاة الخوف فرق القوم طائفتين فصلى بكل طائفة ركعتين وتتم لنفسها. وهل تفارقه الطائفة الأولى فى التشهد الأول أو حين يقوم إلى الثالثة؟ وجهان.
(ودليل) هذا ما روى ابو سلمة عن جابر بن عبد الله قال: كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع، فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبى صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل من المشركين وسيف النبى صلى الله عليه وسلم معلق بالشجرة فاختر طه فقال له: تخافنى؟ فقال له: لا. قال: فمن يمنعك منى؟ قال: الله، فتنهده أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، وأقيمت الصلاة، فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، وكان للنبى صلى الله عليه وسلم اربع وللقوم ركعتان. أخرجه أحمد والشيخان والبيهقى (١). [١٠٧].
(١) ص ٢١ ج ٧ الفتح الربانى. وص ٣٠٢ ج ٧ فتح البارى (غزوة ذات الرقاع) وص ١٢٩ ج ٦ نووى مسلم (صلاة الخوف) وص ٢٥٩ ج ٣ سنن البيهقى (الإمام يصلى بكل طائفة ركعتين) والرجل من المشركين هو غورث بن الحارث بغين معجمة مفتوحة وقد تضم. ورواه الخطابى بالتصغير وبالشك فى إعجام الغين وإهمالها اسلم وصحب النبى صلى الله عليه وسلم (فاختر طه) أى سله من غمده. و (قال) أى رسول الله (الله) يمنعنى. وفى رواية لأحمد: فسقط السيف من يده فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من يمنعك منى؟ قال: كن خير آخذ. فخلى سبيله.