للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومحل الخلاف فى الكلام الدنيوى، أما الأخروى فلا يكره قبل الخطبة عند أبى حنيفة أيضاً على الأصح. ويشهد له قول أبي أمامة بن سهل: سمعت معاوية بن أبى سفيان وهو جالس على المنبر، أذن المؤذن، فقال: الله أكبر، الله أكبر. فقال معاوية: الله أكبر، الله أكبر. فقال أشهد أن لا إله إلا الله. قال معاوية: وأنا. فلما قال: أشهد أن محمداً رسول الله، قال معاوية: وأنا، فلما أن قضى التأذين قال: يا أيها الناس إنى سمعت النبى صلى الله عليه وسلم على هذا المجلس حين أذن المؤذن يقول ما سمعتم من مقالتى. أخرجه البخاري (١). [١٤٧].

(وهذا) كله فى حق من سمع الخطبة، سواء أكان فى المسجد أم لا، أما من لم يسمعها بأن كان بعيداً ففيه خلاف (فقال) الجمهور: يجب الإنصات أيضاً ويحرم الكلام عليه كالسامع. (وقال) أحمد وعطاء والنخعى: لا يحرم، ويجوز له أن يسبح أو يتكلم فى مسألة علمية.

(وقالت) المالكية: يحرم الكلام على من بالمسجد أو رحبته لا خارجها سداً للذريعة لئلا يسترسل الناس حتى يتكلم من يسمع الإمام.

(وهذا) (كله فى الكلام حال الخطبة، أما قبل الشروع فيها وبعد صعود الخطيب على المنبر وبعد الفراغ منها، فالأكثر على الجواز ٠ قال) الشافعى: لا بأس أن يتكلم والإمام على المنبر قبل كلام الإمام، فإذا ابتدأ فى الكلام لم أحب أن يتكلم حتى يقطع الإمام الخطبة الآخرة، فإن قطع الآخرة فلا باس أن يتكلم حتى يكبر الإمام، وأحسن فى الأدب ألا يتكلم من حين يبتدئ الإمام الكلام حتى يفرغ من الصلاة، وإن تكلم رجل والإمام يخطب لم أحب ذلك له (٢).


(١) انظر ص ٢٦٩ ج ٢ فتح الباري (يجيب الإمام على المنبر إذا سمع النداء) ..
(٢) انظر ص ١٨٠ ج ١ كتاب الأم (الإنصات للخطبة).