للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وقوله) صلى الله عليه وسلم: " صلوا كما رأيتمونى أُصلى"، لا يدل على وجوب الخطبة، لأنها ليست صلاة، بل ولا يدل على وجوب الصلاة على الصفة التى كان يصليها، لأنه كان يواظب على أشياء ليست واجبة، كما يدل عليه حديث المسئ صلاته، فإنه لم يعلمه التشهد وكان يواظب عليه.

(واستدلالهم) بقوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} لا يفيد وجوب الخطبة، لأن الذكر ليس نصاً فى الخطبة بل محتمل لها وللصلاة، وحمله على الصلاة أولى، للاتفاق على وجوبها، بخلاف الخطبة ففى وجوبها خلاف (١).

ورد: (أ) بأن وجوب الخطبتين ظاهر من المواظبة عليهما، وهو بيان لصفة صلاة الجمعة الواجبة، وهذا ظاهر مطابق لقواعد الأصول ودقائق الشريعة المطهرة، وأيضاً فإن صلاة الجمعة وجبت بهذه الصفة التى واظب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمن قصر فيها عما كان عليه العمل فإنه لم يؤد ما وجب عليه وهو واضح فى الشرطية.

(ب) بأن تواتر العمل بهذه الصفة من عهد النبى صلى الله عليه وسلم إلى الآن، والأحاديث الصحيحة بينت هذه الصفة تفصيلا، فلم يصلَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة بدون خطبتين. وهذه المواظبة المستمرة لا يصح حملها إلا على أنها بيان لهذا الواجب يلحق به فى الوجوب.

(حـ) بأن تأدية الخطبة داخل تحت كيفية الصلاة المأمور بها فى حديث: " صلوا كما رأيتمونى أُصلى " لقيام الخطبتين مقام ركعتين. قال الشيخ منصور بن إدريس: وعن ابن عمر وعائشة قصرت الصلاة من أجل الخطبتين فهما بدل ركعتين، فالإخلال بإحداهما إخلال بإحدى الركعتين (٢).

هذا. وللخطبة شروط واركان وسنن ومكروهات:


(١) ص ٣٣٦ ج ٢ نيل الأوطار (حكم خطبة الجمعة).
(٢) ص ٣٤٧ ج ١ كشاف القناع (يشترط لصحتها) و (نصرت) مبنى للمفعول.