قال أبو سعيد الخدري رضى الله عنه: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم خطبة بعد العصر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
(أما بعد) فإن الدنيا خضرة حلوة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، ألا إن بنى آدم خلقوا على طبقات شتى: منهم من يولد مؤمناً ويحيا مؤمناً ويموت مؤمناً، ومنهم من يولد كافراً ويحيا كافراً ويموت كافراً، ومنهم من يولد مؤمناً ويحيا مؤمناً ويموت كافراً، ومنهم من يولد كافراً ويحيا كافراً ويموت مؤمناً. الا إن الغضب جمرة توقد فى جوف ابن آدم، ألا ترون إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه؟ فإذا وجد أحدكم شيئاً من ذلك فالأرض الأرض. إلا عن خير الرجال من كان بطئ الغضب، سريع الرضا، وشر الرجال من كان سريع الغضب، بطئ الرضا. فإذا كان الرجل بطئ الغضب، بطئ الفئ، وسريع الغضب، وسريع الفئ، فإنها بها.
ألا إن خير التجار من كان حسن الفضاء، حسن الطلب، وشر التجار من كان سئ القضاء، سئ الطلب. فإذا كان الرجل حسن القضاء، سئ الطلب، او كان سئ القضاء، سئ الطلب، فإنها بها. ألا إن لكل غادر لواء يوم القيامة بقدر غدرته. ألا وأكبر الغدر غدر أمير عامة. ألا لا يمنعن رجلا مهابة الناس أن يتكلم بالحق إذا علمه. ألا إن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر. ألا إن مثل ما بقى من الدنيا فيما مضى منها مثل ما بقى من يومكم هذا فيما مضى منه.
(١) ص ٦٢ إعجاز القرآن. و (معالم) جمع معلم كمذهب، وهو فى الأصل الدليل فىالطريق والمراد به هنا حدود الشريعة المطهرة ز و (مستعتب) اسم مفعول من استعتب أى طلب الرضا، أى ليس بعد الموت استرضاء، لأنه وقت جزاء لا وقت عمل.