للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهله، وأدوا الأمانة إلى من ائتمنكم، وصلوا أرحام من قطعكم. وعودوا بالفضل على من حرمكم، وإذا عاهدتم فأوفوا، وإذا

حكمتم فاعدلوا، ولا تفاخروا بالآباء، ولا تنابزوا بالألقاب (١)، ولا تمازحوا، ولا يغتب بعضكم بعضاً، وأعينوا الضعيف المظلوم والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب. وارحموا الأرملة (٢) واليتيم: وافشوا السلام. وردوا التحية على أهلها بمثلها أو بأحسن منها "وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب" وأكرموا الضيف، وأحسنوا إلى الجار، وعودوا المرضى، وشيعوا الجنائز، وكونوا عباد الله إخواناً.

(أما بعد) فإن السبقة (٣) الجنة، والغاية النار، ألا وإنكم في أيام مهل، من ورائها أجل يحثه عجل، فمن أخلص لله عمله في أيام مهله قبل حضور أجله. فقد أحسن عمله ونال أمله. ومن قصر عن ذلك (٤) فقد خسر عمله، وخاب أمله، وضره أمله. فاعملوا في الرغبة والرهبة. فإن نزلت بكم رغبة فاشكروا الله واجمعوا معها رهبة. وإن نزلت بكم رهبة فاذكروا الله واجمعوا معها رغبة، فإن الله قد تأذن "أي أعلم" المسلمين بالحسنى، ومن شكر بالزيادة. وإني لم أر مثل الجنة نام طالبها، ولا كالنار نام هاربها، ولا اكثر مكتسبا من شيء كسبه ليوم تدخر فيه الذخائر، وتبلى فيه السرائر (٥)، وتجتمع فيه الكبائر. وإنه من لا ينفعه الحق يضره الباطل،


(١) من التنابز وهو التداعي بالنبز بفتحتين، وهو لقب السوء كفاسق وجاهل، أي لا يدعو بعضكم بعضاً بما يسوءه.
(٢) الأرملة بفتح الميم: المرأة التي لا زوج لها.
(٣) السبقة بضم فسكون: الخطر يوضع بين أهل السباق، أي أن الجنة هي التي ينبغي التسابق إليها بالعمل الصالح.
(٤) قصر عن الشيء قصوراً، من باب قعد: عجز عنه.
(٥) أي تظهر وتبدو ويصير السر علانية (ففي الحديث) إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء يعرف به، فيقال: هذه غدرة فلان بن فلان. أخرجه الشيخان عن ابن عمر (٣٠) ص ٦٦ ج ٣ تيسير الوصول (الغدر) وقيل السرائر فرائض الأعمال كالصوم والصلاة والطهارة، فإنها سرائر بين الله والعبد، فقد يقول: صمت ولم يصم، واغتسلت ولم يغتسل، فيختبر حتى يظهر من أداها ممن ضيعها.