للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وجه) الدلالة أن العدد المعتبر فى الابتداء يعتبر فى الدوام، فلما لم تبطل الجمعة بانفضاض الزائد على اثنى عشر، دل على أن هذا العدد كاف.

(ورد) بأنه إنما يدل على صحتها باثني عشر، ولا يدل على أنها لا تصح بدون هذا العدد، فإن هذه واقعة عين أكثر ما فيها أنهم انفضوا وبقى اثنا عشر رجلا وتمت بهم الجمعة، وليس فيها انه لو بقى اقل من هذا العدد لم تتم بهم. أفاده السيوطى (١)

(وقالت) الشافعية والحنبلية وإسحاق: اقل عدد تنعقد به الجمعة أربعون بالإمام.

(واحتجوا) بأحاديث ضعيفة. وأقرب ما يحتج به ما تقدم عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه قال: أسعد بن زرارة أول من جمع بنا فى نقيع الخضمات. قلت: كم أنتم يومئذ؟ قال: أربعون (٢).

(وجه) الدلالة أن الأمة أجمعت على اشتراط العدد فى الجمعة، فلا تصح إلا بعدد ثبت فيه التوقيف. وقد ثبت جوازها بأربعين، فلا يجوز بأقل منه إلا بدليل صريح. وتقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلوا كما رأيتموني أُصلى (٣). ولم تثبت صلاته بأقل من أربعين.

(ورد) بأنه لا دلالة فيه على اشتراط الأربعين، لأن هذه واقعة عين، وذلك أن الجمعة فرضت على النبى صلى الله عليه وسلم وهو بمكة قبل الهجرة، فلم يتمكن من إقامتها هناك من أجل الكفار؛ فلما هاجر من هاجر من أصحابه إلى المدينة كتب إليهم يأمرهم أن يجمعوا فجمعوا، واتفق أن عدتهم إذ ذاك كانت أربعين. وليس فيه ما يدل على أن من دون الأربعين لا تنعقد بهم الجمعة.


(١) ص ٩٠ ج ١ الحاوى للفتاوى (ضوء الشمعة فى عدد الجمعة) ..
(٢) تقدم أثر رقم ٣٧ ص ١٥٨.
(٣) تقدم رقم ٢٣ ص ٢٧ (صلاة الخوف).