للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تقرر فى الأصول أن الأعيان لا يحتج بها على العموم. وقولهم: لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى الجمعة بأقل من أربعين، يرده:

(أ) حديث الانفضاض السابق، فإنه أتمها باثنى عشر. فدل ذلك على أن تعيين الربعين لا يشترط.

(ب) ما تقدم عن أبى مسعود الأنصارى قال: أول من قدم من المهاجرين إلى المدينة مصعب بن عمير، وهو أول من جمع بها يوم الجمعة، جمعهم قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم اثنا عشر رجلا (١).

(واغرب) من ذلك استدلال البيهقى بقول ابن مسعود: جمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت آخر من أتاه ونحن أربعون رجلا، فقال: إنكم مصيبون ومنصورون ومفتوح لكم، فمن أدرك ذلك فليتق الله، وليأمر بالمعروف، ولينه عن المنكر، وليصل الرحم (٢). [٢٢٨].

(فاستدلاله) بهذا فى غاية العجب، لان هذه واقعة قصد فيها النبى صلى الله عليه وسلم ان يجمع أصحابه ليبشرهم، فاتفق أن اجتمع له منهم هذا العدد، فهل يظن انه لو حضر اقل منهم لم يفعل ما دعاهم لأجله؟ وتمامه فى الحاوى (٣).

(وروى) عن أحمد وعمر بن عبد العزيز أنها لا تصح إلا بخمسين (لحديث) أبى أمامة أن نبى الله صلى الله عليه وسلم قال: الجمعة على الخمسين رجلا وليس على ما دون الخمسين جمعة. أخرجه الدارقطنى والطبرانى (٤). [٢٢٩].

وفيه جعفر بن الزبير متروك ضعيف جداً. فالحديث ضعيف. وعلى فرض صحته فهو محتمل للتأويل، لأن ظاهره أن هذا العدد شرط للوجوب لا شرط للصحة. ولا يلزم من عدم وجوبها على ما دون الخمسين عدم صحتها منهم.


(١) تقدم اثر ٣٦ ص ١٥٧.
(٢) ص ١٨٠ ج ٣ سنن البيهقى (عدد الأربعين له تاثير فيما يقصد منه الجماعة).
(٣) ص ٩٢ ج ١ الحاوى للفتاوى.
(٤) ص ١٦٤ سنن الدارقطنى. وص ١٧٦ ج ٢ مجمع الزوائد (عدة من يحضر الجمعة).