للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عبد الله بهديه فأَمرنى أَن آكُلَ ثُلُثها، وأَن أُسِل إِلى أَهل أَخيه بثُلُث، وأَن أَتَصدَّق بِثُلُث {٧}. (وعن) ابن عُمر قال: الضحايا والهدايا، ثُلُث لك، وثُلُث لأَهلك، وثُلُث للمساكين {٨}. وهذا قول إِسحاق وأَحد قولى الشافعى. وقال فى الآخر: يجعلها نِصْفَيْن يأْكُل نِصْفها ويتَصَدَّق بنصف " لقول " الله تعالى: " فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِير " (١) (ولنا) ما روى ابن عباس فى صفة أُضْحِية النبىِّ صلى الله عليه وسلم قال: ويُطْعم أَهل بيته الثُلُث ويُطْعم فقراءَ جِيرانِه الثُّلُث، ويتَصَدَّق على السُّؤَّالى بالثُّلُث. رواه الحافظ أَبو موسى فى الوظائف. وقال: حديث حسن (٢) {٤٥}.

ولأَنَّ الله تعالى قال: " فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرّ " (٣)، والقانع: السائل. والمعتر: الذى يعتَرِيك، أَى يتعرض لك لتطعمه ولا يسأَل. فذكر ثلاثة أَصناف، فينبغى أَن يقسم بينهم أَثلاثاً (وأَما الآية) التى احتجَّ بها أَصحاب الشافعى فإِنَّ الله تعالى لم يُبَيِّن قَدْر المأْكُول منها والمتصدق به، وقد نُبِّه عليه فى آيتنا وفسره النبى صلى الله عليه وسلم بفِعْله وابن عُمر بقوله. (والأَمر) فى هذا واسع. فلو تَصَدَّق بها كُلها أَوْ بأَكثرها جاز. وإِنْ أَكلها كُلها إِلاَّ أُوقية تصَدَّقَ بها، أَجْزَأَ، لأَنَّ الله تعالى أَمر بالأَكْل والإِطعام منها ولم يقيده بشئٍ. فمتَى أَكَل وأَطْعَم فقد أَتَى بما أُمر (وقال) بعض أَهل العلم: يجب الأَكْل منها ولا تجوز الصدقة بجميعها للأَمر بالأَكْل (ولنا) أَنَّ النبى صلى الله عليه وسلم نَحَرَ خمس بَدَنَاتٍ وقال: مَنْ شَاءَ فليقتطع ولم يأْكُل منهنَّ {٤٦} ولأَنها


(١) سورة الحج، من آية ٢٨، وصدرها: " ليشهدوا منافع لهم ".
(٢) ص ٥٨٢ ج ٣ الشرح الكبير (يستحب أن يأكل ثلثها .. ).
(٣) سورة الحج، من آية ٣٦، وصدرها: " والبدن جعلناها لكم ".