للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويجلسون عَرَايَا فى الشمس لدفع الجَرَب والحكَّة ويطبخُون طعامَ اللبن ويأْكُلُونَهُ فى الحمام، إِلى غير ذلك من البِدَع التى اخْتَرَعُوها. ويجب مَنْعهم من التَّظَاهُر بأَعْيَادِهم (١).

(وقد) ذكر ابن الحاج فى المدخل فى هذا بحثاً طويلاً يُشْفى غَلِيلَ المستَرْشِدِينَ لَخَّصْنَاهُ فى المنهل العذب المورُود فى شرح حديث الْعِيدَيْن (٢).

(وقال) الحافظ تقىّ الدين فى كتابه اقتضاءِ الصراطِ المستقيم بعد ذِكْر قَوْل عُمَر وابن عمرو السابقين (٣). وهذا عُمر رضى الله عنه نَهَى عن لِسَانِهم (أَى عن تَعَلُّم لُغَتِهم) وعن مجرَّدِ دُخُول الكَنِيسَة عليهم يوم عِيدِهم، فكَيْفَ بفِعْل بعض أَفعالهم؟ أَو بِفِعْل ما هُوَ من مُقْتَضَيَات دِينِهم؟ أَلَيْسَتْ موافقتهم فى العمل أَعظم من موافقتهم فى اللُّغة؟ أَو ليس بعض أَعمال عِيدِهم أَعظم من مجرَّدِ الدخُول عليهم فى عِيدِهم؟ وإِذا كان السُّخْط ينزل عليهم يوم عِيدِهم بسببِ عملهم، فمنْ يَشْرَكهم فى العمل أَو بعضه أَليس قد يعرض لعقوبة ذلك؟

(وأَمَّا عبد الله) بن عمرو فَصَرَّح أَنه مَنْ بَنَى ببلادِهم وصَنَعَ نَيْرُوزَهُم ومهرجانهم، وتَشَبَّه بهم حتى يموت، حُشِرَ معهم. وهذا يَقْتَضِى أَنه جعله كافراً بمشاركَتِهم فى مجموع هذه الأُمور، أَوْ جَعَلَ ذلك مِنَ الكَبائر الموجِبَة للنّار. وإِنْ كانَ الأَوَّل ظاهر لفظه، فتكون المشاركَة فى بعض ذلك مَعْصِيَة، لأَنه لو لم يكُنْ مؤثراً فى استحقاقِ العقوبة، لم يَجُزْ جعله جزءًا من المقتضِى للعقوبة، إِذ المباح لا يُعَاقب عليه، وليس الذَّم على بعض ذلك مشروطاً ببعض، لأَنَّ أَبعاض ما ذكره يقتَضِى الذَّم مفرداً


(١) ص ٢٣٨ ج ٤ الفتاوى الكبرى (باب الردة).
(٢) ص ٣٠٦ ج ٦ المنهل العذب. وانظر أثر ١٩ و ٢٠ ص ٩٠.
(٣) ص ٣٠٦ ج ٦ المنهل العذب. وانظر أثر ١٩ و ٢٠ ص ٩٠.