للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإِنما ذكر مَنْ بَنَى ببلادِهم، أَنَّهُمْ على عَهْدِ عبد الله بن عمرو وغيره من الصَّحَابة كانوا ممنوعِينَ من إِظهارِ عِيدِهم بدار الإِسلام، وما كان أَحَدٌ من المسلمين يَتَشَبَّه بهم فى عِيدِهم، وإِنما كان يَتَمَكَّن من ذلك بكَوْنِه فى أَرْضِهم (١).

(وقال) الإِمام أَبو الحسن الآمدى المعروف بابن البغدادى فى كتابه عمدة الحاضر وكفاية المسافر: (فصل) لا يَجُوز شُهود أَعيادِ النَّصَارَى واليهود. نص عليه أَحمد. واحْتَجَّ بقوله تعالى: " وَالَّذِينَ لآ يَشْهَدُونَ الزُّورَ" أَىْ أَعْيَادِهم (٢)، فأَمَّا ما يبيعون فى الأَسواق فى أَعْيادِهم فلا بأْسَ بحُضُوره. نص عليه أَحمد. وقال: إِنما يمنعُونَ أَنْ يَدْخُلُوا عليهم بِيَعهم وكنائِسَهم. فأَمَّا ما يُبَاع فى الأَسْوَاق من المأْكَل فلا. وإِنْ قصد إِلى توثير ذلك وتحسِينِه لأَجْلهم. وإِنما رَخَّصَ أَحمد رحمه الله فى شهود السُّوق بشرْط أَلاَّ يَدْخُلوا عليهم بِيَعهم، فعلم مَنْعُه من دُخُول بِيَعهم. وكذلك أَخَذَ الخلاَّل من ذلك المنْعَ من خروج المسلمين فى أَعْيَادِهم (فقد) نص أَحمد على مثل ما جاءَ عن عُمر رضى الله عنه من المنْع من دخُول كنائِسِها فى أَعْيَادِهم. وهو كما ذكرْنا من باب التَّنْبِيه على المنْع من أَن يفْعَلَ كفِعْلِهم.

(وأَمَّا) الرطانة وتَسْمِية شُهُورِهم بالأَسماءِ العَجَمِيَّة، فقال أَبو محمد الكِرْمانى: (باب تسمية الشُّهُور بالفارسِيَّة) قُلْتُ لأَحمد: فإِن للفُرْس أَيَّاماً وشُهُوراً يُسَمُّونها بأَسماءٍ لا تُعْرَف؟ فكِهَ ذلك أَشَدَّ الكراهة. قُلْتُ: فإِن كان اسم رَجُل أُسميه به؟ فكرِهَهُ. وقال: وسأَلْتُ إِسحاق: قُلْتُ:


(١) مقتبس من ص ٩٥ - اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم.
(٢) فقد قال طاوس وابن سيرين وغيرهما: الزور فى الآية، هو أعياد المشركين وقيل مجالس السوء والخنا، وقيل غير ذلك.