تاريخ الكتاب يُكْتَب بالشهور الفارسية مثل آذرماه وذى ماه. قال: إِنْ لم يكُن فى تلك الأَسامى اسم يُكْرَه فأَرْجُو " أَنْ لآ بَأْس به ". وكذلك الأَسماءِ الفارسية. قال: وسأَلت إِسحاق مرةً أُخرى: قُلْتُ: الرَّجُل يتعلَّم شهور الرُّوم والفُرْس؟ قال: كُلّ اسْمٍ معروف فى كلامِهم فلا بأْس، (فما قاله) أَحمد من كرَاهَةِ هذه الأَسماءِ له وَجْهَان:
(أَحَدُهُما) إِذا لم يُعْرَف معنَى الاسم جازَ أَن يكُون معْنًى محرماً، فلا يَنْطِق المسلم بما لا يعرف مَعْنَاه. ولهذا كُرِهَت الرقى العجمية كالعبرانية أَو السريانية أَو غيرها، خوفاً أَن يكون فيها معانٍ لا تجوز. وهذا المعنى هو الذى اعتبره إِسحاق. لكن إِذا علم أَنَّ المعنى مكروه فلآ رَيْبَ فى كرَاهَتِه، وإِنْ جَهِلَ معناه فأَحمد كرِهَهُ.
(والوجه) الثانى: كراهةَ أَن يَتَعَوَّدَ الرَّجُل النُّطْق بغير العربية، فإِن اللِّسان العربىّ شِعَارُ الإِسلام وأَهله. واللُّغات من أَعظم شعائر الأُمم التى بها يتميزون. ولهذا كان كثير من الفقهاءٍ أَو أَكثرهم يكرهون فى الأَدْعِيَةِ التى فى الصلاة والذكر، أَن يُدْعَى الله أَوْ يُذْكر بغَير العربية.
(وقد اختلف) الفقهاءُ فى أَذكار الصَّلآة هَلْ تُقَال بغير العربية؟ وهى ثلاث درجات: أَغلاها القرآن، ثم الذِّكْر الواجب غير القرآن، كالتحريمة بالإِجماع، وكالتحليل والتَّشَهُّد عند مَنْ أَوْجَبَهُما. ثم الذِّكْر غير الواجب من دعاءٍ أَو تَسْبِيحٍ أَوْ تكْبِير.
(فأَما) القرآن فلا يقرؤه بغير العربية، سواءٌ قدر عليها أَو لم يقدر عند الجمهور، وهو الصَّواب الذى لا رَيْبَ فيه، بل قد قال غيره واحد: