للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وما قاله) مِنْ عَدَم استحبابِ إِخراج البهائم روايةً عن أَحمد. وهو مَذْهَب المالكِيَّة. ومَشْهُور مذهب الحنبلية أَنَّهُ يُبَاح إِخراجها، وهو مَذْهَب الحنفية والشافعية، ولا يحضر الاستسقاءَ معنا أَهْلُ الكُفْر عند الحنفيين وأَصْبَغ المالكى والزهرى، لأَنَّ الاستسقاءَ لاستنزالِ الرَّحمة. وإِنما تنزل عليهم اللَّعنة. كذا قالوا. وأَوْرَدَ عليه أَنَّهَ ليس المراد إِلاَّ الرَّحمة العامَّة الدنيوية وهُو المطَر والرِّزْق، وهُم مِنْ أَهْلها. ولذا قالوا: الصَّوَاب أَن يمنَعُوا من الاستسقاءَ وَحْدَهم، لاحتمال أَن يسقوا فيفتتن ضُعَفَاءُ العوامّ. أَفاده الشيخ الحلبى (١).

(وقالت) المالِكِيَّة والحنبلية: لا يُسْتَحَبُّ إِخراج أَهْلُ الذِّمة ولا يمنعون مِنَ الخروج، ولكن لا يختلطون بالمسلمين، ولا يمكَّنُونَ مِنَ الخروج فى يوم وَحْدَهُم (قال) الشَّيْح منصور بن إِدريس: ويُكْرَهُ لنا أَن نُخْرج أَهل الذِّمة ومَنْ يُخَالِف دِينَ الإِسلام، لأَنهم أَعداءَ الله فهم بَعِيدُونَ مِنَ الإِجابة وإِنْ أُغِيثَ المسلمون فربما ظَنُّوهُ بدُعائِهم، وإِنْ خَرَجُوا من تلقاءِ أَنْفُسِهم لم يُكْرَه ولم يمنعوا، لأَنه خروج لطَلَبِ الرِّزْق، واللهُ ضَمِنَ أَرزاقهم كما ضَمِنَ أَرْزَاق المسلمين، وأُمِرُوا بالانفرادِ عن المسلمين فى يختَلِطُونَ بهم، لقوله تعالى: " وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً " (٢). ولأَنه لآ يُؤمَن أَن يُصِيبهم عذاب فَيَعُمَّ مَنْ حَضَر، ولا يَنْفَردُونَ بيوم لِئَلاَّ يَتَّفِقَ نُزُولَ غَيْث يوم خروجهم وَحْدَهُم، فيكون أَعْظَمَ لفِتْنَتِهم، وربما افتتن بهم غيرهم، وحُكْم نِسَائِهِم ورقيقهم وصِبيْانهم وعجائزهم حُكْمهم فى حواز الخروج مُنْفَرِدِين لا بيوم، ولا تخرج منهم ولا مِنَ المسلمين حَسْنَاءَ ولو عَجُوزاً (٣).


(١) ص ٤٣٠ غنية المتملى (صلاة الاستسقاء).
(٢) سورة الأنفال، الآية ٢٥.
(٣) ص ٣٦٨ ج ١ كشاف القناع (باب صلاة الاستسقاء).