للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لابد من وجود متعلقها ولو كان الجن والأنس على طبيعة الملائكة لم يظهر أثر هذه الأسماء (ومنها) ظهور آثار أسمائه المتضمنة كلأه وعفوه ومغفرته وستره وتجاوزه عن حقه وعتقه لمن شاء من عبيده، فلولا خلق ما يكرهه من الأسباب المفضية إلى ظهور آثار هذه الأسماء، لتعطلت هذه الحكم والفوائد. وقد أشار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى هذا بقوله: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم. أخرجه مسلم عن الأسباب المفضية على ظهور آثار هذه الأسماء، لتعطلت هذه الحكم والفوائد. وقد أشار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى هذا بقوله: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم. أخرجه مسلم عن أبي هريرة (١) {١٥١}.

(ومنها) ظهور آثار أسماء الحكمة والخبرة، فإنه الحكيم الخبير الذي يضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها اللائقة بها، فلا يضع الشيء في غير موضعه ولا ينزل في غير منزلته التي قتضيها كمال علمه وتمام حكمته، فهو أعلم حيث يجعل رسالاته وأعلم بمن يصلح لقوبها ويشكر له جميل صنعه، وأعلم بمن لا يصلح لذلك.

فلو قدر عدم الأسباب المكروهة لتعطلت حكم كثيرة، ولفاتت مصالح عديدة. ولو عطلت تلك الأسباب لما فيها من الشر لتعطيل الخير الذي هو أعظم من الشر الذي في تلك الأسباب. وهذا كالشمس والمطر والرياح التي فيها من المصالح ما هو أضعاف أضعاف ما يحصل بها من الشر (ومنها) حصول الطاعات المتنوعة التي لولا خلق إبليس لما حصلت. فإن طاعة الجهاد من أحب أنواع الطاعة، ولو كان الناس كلهم مؤمنين لتعطلت هذه الطاعة. وتوابعها من الموالاة الله تعالى والمعاداة فيه، وطاعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومخالفة الهوى، وإيثار محاب الله تعالى والتوبة والاستغفار والصبر، والاستعاذة بالله أن يجيره


(١) انظر ص ٦٥ ج ١٧ نووي مسلم (سقوط الذنوب بالاستغفار).