للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعجنت بالعسل وشربت بالماء الحار إذابت الحصاة وأدرت البول والحيض (قال) خالد بن سعد: خردجنا ومعنا غالب بن أبحر فمرض في الطريق فقدمنا المدينة وهو مريض فماده ابن آبى عتيق فقال لنا: عليكم بهذه الحبيبة الشويداء فخذوا منها خمسا أو سبعا فاسحقوها ثم اقطروها في أنفه بقطرات زيت في هذا الجانب وفى هذا الجانب فإن عائشة رضى الله عنها حدثتنى أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا من السام " قلت وما السام؟ قال " الموت " أخرجه أحمد والبخاري وابن ماجه (١) {

٨٦}

وهذا الذي أشار إليه ابن آبى عتيق ذكره الأطباء في علاج الزكام العارض من عطاس كثير. قالوا: تغلى الحبة السوداء ثم تدق ناعما ثم تنقع في زيت ثم يقطر منه في الآنف ثلاث قطرات. فلعل غالب بن أبحر كان مزكوما فلذلك وصف له ابن آبى عتيق الصفة المذكورة. وقد رويت من طريق حسام بن مصك عن عبيد الله بن بريد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن هذه الحبة السوداء فيها شفاء " الحديث وفيه قال: كيف اصنع بها؟ قال: " تأخذ إحدى وعشرين حبة فتصرها في خرقة ثم تضعها في ماء ليلة فإذا أصبحت قطرت في المنخر الأيمن واحدة وفى الأيسر اثنتين فإذا كان من الغذ قطرت في المنخر الأيمن اثنتين وفى الأيسر واحدة فإذا كان في اليوم الثالث قطرت في الأيمن واحدة وفى الأيسر اثنتين " أخرجه المستغفرى في كتاب الطب (٢) {٨٧}

ويؤخذ من هذا أن معنى كون الحبة السوداء شفاء من كل داء أنها لا تستعمل في كل داء صرفا بل ربما استعملت مفردة ومركبة ومسحوقة وغير مسحوقة وأكلا وشربا وسعوطا وضمادا وغير ذلك. وقيل: المراد أنها شفاه من كل داء يحدث من الرطوبة (٣).


(١) انظر ص ١٣٠ ج ١٠ فتح الباري (دواء المبطون) وص ١٧٦ ج ٣ تحفة الأحوذى (ما جاء في العسل) (وكذب بطن أخيك) آي لم يصلح لقبول الشفاء (وقد) اعترض بعض الجهلة بان العسل مسهل فكيف يوصف لمن به الإسهال (والجواب) أن الإسهال يحدث بأسباب منها التخمة وعلاجها بترك الطبيعة وفعلها، فإن احتاجت إلى مسهل معين أعينت ما دام بالعليل قوة. فكأن هذا الرجل كان استطلاق بطنه عن تخمة أصابته فوصف له النبي صلى الله عليه وسلم العسل لدفع الفضول المجتمعة في المعدة والأمعاء لما في العسل من الجلاء ودفع الفضول التي تصيب المعدة من أخلاط لزجة تمنع استقرار الغذاء فيها .. وللمعدة خمل كخمل المنشفة فغذا علقت بها الأخلاط اللزجة أفسدتها وأفسدت الغذاء الواصل إليها فكان دواؤها باستعمال ما يجلو تلك الأخلاط ولا شئ في ذلك مقل العسل لاسيما إن مزج بالماء الحار، وإنما لم يفده في أول مرة لأن الدواء يجب أن يكون له مقدار وكمية بحسب الداء إن قصر عنه لم يدفعه بالكلية وإن جاوزه أضعف القوة وأحدث ضررا آخر فكأنه شرب منه أولا مقدارا لا يفي بمقاومة الداء فآمره بمعاودة سقيه فلما تكررت الشربات بحسب مادة الداء ن برا بإذن الله تعالى. انظر ص ١٣١ ج ١٠ فتح الباري
(٢) انظر ص ١١١ ج ١٠ فتح الباري (الحبة السوداء ٩ وص ١٧٨ ج ٢ - ابن ماجه.
(٣) انظر ص ١١١ ج ١٠ فتح الباري