للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له بالبركة، ثم دعا بماء فامر أن يتوضأ فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين وكبتيه وداخله إزاره وأمره أن يصب عليه قال معمر عن الزهري وأمره أن يكفأ الإناء من خلفه .. أخرجه مالك وأحمد والنسائي وابن حبان وصححه وابن ماجه وهذا لفظه وفى رواية مالك: فبرأ من ساعته (١) {١٤٣}

(هذا) والأمر بالغسل مما لا يمكن تعليله ومعرفة وجهه من جهة العقل فلا يرد لكونه لا يعقل معناه (وإن) توقف فيه متشرع قلنا له: قل الله ورسوله أعلم وقد عضدته التجربة وصدقته المعاينة (وإن) توقف فيه متفلسف رد عليه بأن عنده الأدوية تفعل بقواها وقد تفعل بمعنى لا يدرك (وقال) ابن القيم: هذه الكيفية لا ينتفع بها من أنكرها ولا من سخر منها ولا من شك فيها أو فعلها مجربا غير معتقد. وإذا كان في الطبيعة خواص لا يعرف الأطباء عللها فما الذي تنكره جهلتهم من الخواص الشرعية. هذا مع أن في المعالجة بالاغتسال مناسبة لا تأباها العقول الصحيحة. فهذا ترياق سم الحية يؤخذ من لحمها وهذا علاج النفس الغضبية توضع اليد على بدن الغضبان فيسكن. فكأن أثر ذلك تلك العين كشعلة نار وقعت على جسد ففي الاغتسال إطفاء لتلك الشعلة. ثم لما كانت هذه الكيفية الخبيئة تظهر في المواضع الرقيقة من الجسد لشدة النفوذ فيها ولا شئ ارق من المغابن (الأطراف) فكان في غسلها إبطال لعملها (وفى الحديث) ما يدل على وصول أثر الغسل إلى القلب وهو من ارق المواضع وأسرعها نفاذا فتنطفئ تلك النار آلتي أثارتها العين بهذا الماء (٢).


(١) انظر ص ٣٧٣ ج ٢ تيسير الوصول (العين) وص ١٠٧ ج ٥ مجمع الزوائد وص ١٨٦ ج ٢ - ابن ماجه والمخبأة المرأة المخدرة. و (لبط) كصرع وزنا ومعنى و (داخله الإزار) الطرف الذى يلى جسد المؤتزر. والمراد غسل ما يليه من الجسد.
(٢) انظر ص ١٦٠ ج ١٠ فتح البارى (العين حق)